للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان بَكْتَمُر صاحب خِلاط قد شَمِتَ بموتِ السُّلْطان، وتسمَّى بالملك النَّاصر، وعَزَمَ على أَخْذِ الجزيرة والشَّام، فَقُتِلَ في جُمادى [الأولى] (١) لما ذكرناه.

وجاء العادل إلى مارِدِين، وعَزَمَ على حِصارها، فصالحه صاحِبُها، فعاد إلى حَرَّان، وجاءته الرُّسُل من خِلاط يطلبونه، فنزل الثَّلْج، فمنعه من ذلك، وعادتِ العساكر إلى مراكزها.

وقدم شمسُ الملوك ابنُ سيف الإسلام من اليمن إلى دمشق، فأقام عند الأفضل.

وكان الأفضل قد استوزر ضياءَ الدين الجَزَري، فأساء السِّيرة، وشغب قلوب الجند والأعيان على الأفضل، فسار سامة الجِيلي والفاضل وابن أبي عَصْرون والأعيان إلى مِصْر، فالتقاهم العزيز وأكرمهم، وكان معهم مُعْظم الصَّلاحية، فغار منهم الأكراد، فخرج منهم جماعةٌ إلى الأفضل، فالتقاهم وأكرمهم، واشتغل الأفضل بلهوه، وكان القُدْس في يده، فَعَجَزَ عثه، فسلَّمه إلى نواب العزيز، فبان للنَّاس عَجْزُ الأفضل، ومضى الظَّافر إلى العادل، فأعطاه الرَّقَّة، فأقام بها، وشرعت الوَحْشة فيما بين العزيز والأَفْضل، وبلغ الفرنج، فطمعوا، وحاصروا جُبيل، وكان بها جماعةٌ من الأكراد، فباعوها للفرنج، وبَرَزَ العزيز من مِصْر إلى البركة يريد قتال الفرنج ظاهرًا، وأَخْذَ دمشق باطنًا، وعَلِمَ الأفضل، فكَتَبَ إلى عمه العادل والمشارقة، فأجابوه إلى ما يريد، وجاء العزيزُ، فنزل بظاهر دمشق، وسار العادل بعساكر الشَّرْق، فلما قَرُبَ من دمشق، وكان العزيز قد نزل بعقبة شحورا، وجاء العادل فنزل بمرج عَذْراء، فأرسل إليه العزيز يقول: أريد أن نجتمع، فاجتمعا على ظهر خيولهما وتفاوضا، فقال له العادل: لا تخرب البيت، وتدخل عليه الآفة، والعدو وراءنا من كلِّ جانب، وقد أخذوا جُبَيل، وسيأخذوا الباقي إنِ اختلفتم، فارجعْ إلى مِصْر، واحْفظ عَهْدَ أبيك، وأيضًا فلا تكسر حرمة دمشق، ويطمع فيها كلُّ أحد. وعاد العادل عنه إلى دمشق، وأقام العزيز في منزلته، وقدمتِ العساكرُ على الأفضل، وبَعَثَ إليه العادل: ارحل إلى مرج الصُّفَّر، فرحل وهو مريض، وكان قَصْدُ العادل أَنْ يُبْعِدَه عن البلد لتصلَ العساكر، فوصل الظَّاهر من حلب، والمنصور من حماة، وشيركوه من حمص، والأمجد من بَعْلَبَكَّ في


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).