كَلَفي فيكُمْ قديمٌ عَهْدُهُ … ما صَبَاباتي بكُمْ مُكْتَسَبَهْ
أين وُرْقُ الجَزْعِ مَنْ لي أَنْ أرى … عُجْمَه إنْ لم أُشاهِدْ عَرَبَهْ
ونَعَمْ ذا بانُ حُزْوى فاسألوا … إنْ شككْتُمْ في عذابي عَذَبَهْ
عن جفوني النَّومُ من بَعَّده … وإلى جِسْمي الضَّنى من قَرَّبَهْ
وَصِلُوا الطَّيفَ إذا لم تَصِلُوا … مُسْتهامًا قد قَطَعْتُمْ سَبَبَهْ
وإلى أن تُحْسِنُوا صُنْعًا بنا … قد أساء الحبُّ فينا أَدَبَهْ
أعشَقُ اللَّوْمَ لحبي ذِكركم … يا لمُرٍّ في الهوى ما أعْذَبَهْ
واكشِفُوا لي سِرَّ ما ألقى بكم … فلقد أَشْكَلَ ما بي واشْتَبَهْ
هَبْكُمُ عذَّبْتُمُ طرفًا جنى … ففؤادي ما جنى مَنْ عَذَّبَهْ
إن يكن مجنون ليلى في الهوى … فأنا التَّنزيه وَهْوَ الشَّبَهْ
ولقد ذبتَ فلو تُكْحل في … مُقْلَةِ الوَسْنان وتْرًا ما انْتَبَهْ
فتجنَّبْ مركبَ البغي به … واتَّقِ الله وخفْ أَنْ تركَبَهْ
وقال: [من الرجز]
تنبَّهي يا عَذَبات الرَّنْدِ … كم ذا الكرى هَبَّ نسيمُ نَجْدِ
مَرَّ على الرَّوْضِ وجاءَ سَحَرًا … يَسْحَبُ ثَوْبي أَرَجٍ ونَدِّ
حتَّى إذا عانقتُ منه نَفْحةً … عادَ سَمُومًا والغرامُ يُعْدي
أُعلِّلُ القلبَ ببانِ رامةٍ … وما يَنُوبُ غُصنٌ عن قَدِّ
وأسألُ الرَّبْعَ ومَنْ لي لو وعى … رَجْعَ الكلامِ أو سخا بِرَدِّ
وأقتضي النَّوْح حماماتِ اللِّوى … هيهاتَ ما عند اللِّوى ما عندي
كم بين خالٍ وجَوٍ وساهرٍ … وواجلٍ وكاتمٍ ومُبْدِي
بانُوا فلا دارُ العقيقِ بَعْدَهُمْ … دارٌ ولا عهدُ اللِّوى بعَهْدِ
هُمْ حمَّلوا ثِقْلَ الفِراقِ والهوى … على فتًى يُضْنيه حَمْلُ البُرْدِ
ليس كما ظنَّ العِدى صبابتي … صبابتي فيهم ووجدي وجدي (١)
(١) القصيدة في "خريدة القصر"، قسم شعراء العراق: مج ٢ / ج ٤/ ٤٣٩ - ٤٤١، والبيتان الأخيران ليسا فيها، وقد استظهرتهما هكذا على عسر في قراءتهما.