للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصِّديق ، أبو الفرج [بن أبي الحسن] (١) القُرَشي، التَّيمي.

[ورأيت بخط ابن دحية المغربي قال: وجعفر الجوزي منسوب إلى فرضة من فرض البصرة يقال لها جوزة. وقال الجوهري: فرضة النهر ثلمته التي يُسْتقى منها، وفرضة البحر محط السفن، والجمع الفرائض.

ولد جَدِّي] (٢) ببغداد بدَرْب حبيب سنة عشر وخمس مئة تقريبًا، وتوفي أبوه وله ثلاثُ سنين، وكانت له عمةٌ صالحة، وكان أهله تجارًا في النُّحاس [-ولهذا رأيتُ في بعض سماعاته: وكتب عبد الرحمن الصَّفَّار-] (١)، فلما ترعرع حَمَلَتْه عمَّتُه إلى مسجد أبي الفَضْل بن ناصر، فاعتنى به، وأسمعه الحديث، وقرأ القرآن، وتفقَّه على أبي بكر الدِّينوري الحَنْبلي وابن الفَرَّاء، وسمع الحديث الكثير، وقد ذكر من مشايخه في "المشيخة" نيفًا وثمانين شيخًا، وعني بامره شيخُه ابنُ الزَّاغوني، وعَلَّمه الوعظ، واشتغل بفنون العلوم، وأخذ اللغة عن أبي منصور بن الجواليقي، وصنَّفَ الكُتُبَ في فنون، وحَضَرَ مجالِسَه الخلفاءُ والوزراءُ والعلماءُ والأعيان، وأقلّ ما كان يحضر مجلسه عشرة آلاف، وربما حَضَرَ عنده مئةُ ألف، وأوقع الله له في القلوب القَبُول والهيبة، وكان زاهدًا في الدُّنيا، متقلِّلًا منها، [وسمعته يقول] (١) على المِنْبر في آخر عمره: كتبتُ بأصبعيَّ هاتين ألفي مجلَّدة، وتاب على يدي مئة ألف، وأسلم على يدي عشرون ألف يهودي ونَصْراني. وكان يجلس بجامع القَصْر والرُّصافة والمنصور وباب بدر وتُرْبة أُم الخليفة وغيرها، وكان يختم القرآن في كلِّ سبعة أيام، ولا يخرج من بيته إلا إلى الجامع للجُمُعة وللمجلس، وما مازَحَ أحدًا قَطُّ، ولا لعب مع صبيٍّ، ولا أكل من جهةٍ لا يتيقن حِلَّها، وما زال على ذلك الأسلوب حتَّى توفَّاه الله تعالى.


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) في (ح): وقال، والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).