وقام رجل فتواجد، فأنشد: [من الطويل]
وما زال يشكو الشوق حتَّى كأنه … تنفَّس من أحشائه وتكلَّما
ويبكي فأبكي رحمةً لبكائه … إذا ما بكى دمعًا بكيت له دما
وأعجبه يومًا كلامه، فأنشد: [من الرجز]
تزدحم الألفاظ والمعاني … على فؤادي وعلى لساني
تجري بي الأفكار في ميدان … أزاحم النجم على المكانِ
وكتب إليه بعضهم رقعةً يقول له فيها: أنت مشبهي. فقال: نعم، بالكلب. ثم قال: المشبِّه يثبت وأنتم محوتم [بالكاشة، دعونا فنحن أعرف بمذاهبكم منكم] (١)، ثم أنشد: [من الوافر]
ألا لا يجهلن أحدٌ علينا … فنجهل فوق جَهْلِ الجاهلينا
[وقال في قصة الذين عبدوا العجل: لو أن الله خار لهم ما خار لهم، عبدوا العجل من غير فكرة، بل على الفور، وما يعبد العجل إلا ثور.
ومدح رجلًا بالكرم، فقال: نبل فضله يرمي عن قوس جوده، فقد صار الفقر في زمانه كالقنفذ.
وقال له رجل: لي صديقٌ كنت أنهاه عن المعاصي ولا يقبل، وقد وقع الآن في الحق، فقال له: اذهب إليه وقل له:
كم كنت بالله أقل لك لدى التواني غائله
وللقبح معرَّة تبين بعد قليل
وقال: لقي عيسى ﵇ يومًا إبليس، فقال: أسألك بالحي القيوم، ما الَّذي يقطع ظهرك؟ فقال إبليس: صهيل الخيل في سبيل الله. فقال له رجل: نحترم اليمين ونعصي المحلوف به! فقال: قطع اليد لا يمنع من اعتياد السرقة، ولا ينفع انكسار القلب مع العزم على الإصرار على الذنب] (١).
وانقطع القراء يومًا عن مجلسه، فأنشد: [من الطويل]
(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).