وقال له قائل: آدم تلقى من ربه كلمات، فأنت من أين تلقيت؟ فقال: الولد للفراش. قلت: وقد سئلت عن مثل هذا، فقال لي رجل في المجلس: أي شيء تعشيت البارحة؟ فقلت: هذه نوالة رفعت من موائد فوائد، أظل عند ربي يطعمني ويسقيني ويقيني] (١).
وسئل عمن ينهر السائل، فقال: إن لم تدنه من مبارِكِ مبارِّك، فأبعده عن معارِك معارِّك.
وقال في قوله تعالى ﴿وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا﴾ [الأنبياء: ٨٧]: نظر في استيفاء الدَّيْن بمقتضى الوكالة، وما علم أن صاحب الحق قد وَهَب.
وقال في قول فرعون ﴿أَلَيسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ﴾ [الزخرف: ٥١]: يفتخر بنهرٍ ما أجراه، ما أجراه!
[وقال: سأل إبليس الإنظار، فلما أجيب قال: ﴿فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْويَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [ص: ٨٢] فقيل: جعلت شكر النعمة بالإنظار إغواء العباد، ولكن هكذا فعل أولاد الحلال!
وحضر مجلسه جماعة من المخالفين، فأنشد: [من الرجز]
ما للهوى العذري في ديارنا … أين العُذيب من قصور بابل
قلت: هذا البيت يقتضي المدح لهم، لأنه شبههم بالهوى العذري، وكذا العذيب وقصور بابل، لأنها كلها أماكن ممدوحة، وإنما كان يقال: [من البسيط]
أتظهرون نهارًا بين أظهرنا … أما نهاكم سليمان بن داود] (١)
وتواجد رجل في المجلس، فقال: واعجبًا، كلنا في إنشاد الضالة سواء، فلم وجدت أنت وحدك؟! وأنشد: [من الرمل]
قد كتمتُ الحبَّ حتَّى شفَّني … وإذا ما كُتِمَ الدَّاءُ قَتَلْ
بين عينيك علالات الكرى … فدع النومَ لربَّاتِ الحَجَلْ
ونظر يومًا إلى أقوام يبكون في ضائقة ويتواجدون، فأنشد: [من الطويل]
ولو لم يَهِجْني الظَّاعنون لهاجَني … حمائمُ وُرْقٌ في الدِّيارِ وقُوعُ
تداعين فاسْتَبْكَينَ من كان ذا هوى … نوائحُ لم تَقْطُرْ لهنَ دموعُ
وكيف أطيقُ العاذلاتِ وذِكْرُهُمْ … يؤرِّقُني والعاذلاتُ هجوعُ
(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).