حَلَفَ الغرامُ عليَّ يومَ فِراقِهِمْ … ألا أبارحَ بَعْدَهُمْ بُرَحائي
فبقَدْرِ ما يزدادُ فَرْطُ جمالِهِمْ … يزدادُ طولُ تأسُّفِي وعَنَائي
ولقد وقفتُ مُبَلَّلًا بمدامعي … ثم انثنيتُ مخلَّفًا بدمائي
أُذكي بِسُحْبِ مدامعي جَمْرَ الحَشَا … وكذا تكونُ مدامعُ الغُرَباءِ
وسَرَوْا فأمَّ الجور منهم جنَةً … فارَقْتُ طيبَ نعيمها لشقائي
زهراءُ تُصْبِحُ شَمْسَ كل صبيحة … حسنًا وتمسي بَدْرَ كلِّ مساءِ
رحلتْ وكنتُ شفيعَ غيري عندها … واليوم لا تصغي إلى شُفَعائي
يا وقفةَ التَّوْديعِ كيف غَدَرْتِ بي … فقطعتِ منها بالفِراقِ رجائي
ومن ذلك يمدح الملك الأمجد صاحب بعلبك: [من السريع]
زارَ وطَرْفُ النَّجْمِ لم يَرْقُدِ … موتزر من حُسْنِهِ مُرْتَدِ
أَحْوَرُ يحكي الخالُ في خَدِّه … نُقْطَةَ نَدٍّ فوق وَرْدٍ نَدِي
يا حُسْنَهُ مِنْ زائرٍ ما بدا … إلا وأنسى قَمَرَ الأَسْعُدِ
ويا ضَلالي فيه من بعدما … كنتُ بمرأى وَجْهِهِ أهتدي
أطفأ لثمُ البَرَدِ المُشْتَهى … مِنْ ثَغْره ناري ولم تَبْرُدِ
وجاد لي بالكأسِ ممزوجةً … بريقه تِيهًا على عُوَّدِي
فيا لَها من ليلةٍ لم يَفُزْ … بمِثْلها الهادي ولا المُهْتَدِي
أدنت لي البدر إلى أن غفا … مُوَسَّدًا يُشْرِقُ منه النَّدي
أحويه في صَدْري كرَيحَانةٍ … ريانة تأرَجُ في مَرْقَدِي
وآخذ الصَّهْباءَ مِنْ ريقه … بما جنت غُلَّة قلبي الصَّدِي
إذْ أجتلي في ليلِ أصداغه … مِنْ وَجْهِهِ شمسَ صباحِ الغَدِ
وعاذلي عَنَّفَ فيه وَمَنْ … يُنادِمِ البَدْرَ ولم يُحْسَدِ
ظنَّ خلاصي في يدي فاعتدى … قال أتهوى قاتلًا لا يدي
فقلتُ لا تَرْجُ سُلُوِّي فقد … خَلَعْتُ سُلْواني على عُوَّدي
أأهجر العَيشَ بهجري له … وأُخْرِجُ الفوزَ به عن يدي
وأنثني عنه إلى غيره … لا وحياةِ الملكِ الأمجدِ