للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما دعاءُ آخر السنة، فإنَّه يقول في آخر يوم من أيام السَّنة: اللهم ما عَمِلْتُ في هذه السنة مما نهيتني عنه، ولم تَرْضَه ولم تنسه، وحَلُمْتَ عني بعد قُدْرتك على عقوبتي، ودعوتني إلى التَّوبة من بعد جرأتي على معصيتك، فإني أستغفرك منه، فاغفرْ لي، وما عملت فيها مما ترضاه، ووعدتني عليه الثَّواب، فأسألك أن تتقبَّلَه مني، ولا تقطع رجائي منك يا كريم. فإنَّ الشيطان يقول: تعبنا معه طول السنة، فأفسد فِعْلَنَا في ساعة.

وأنشدني [أبو عمر] (١) لنفسه: [من الطويل]

ألم يكُ مَنْهاةً عن الزَّهْو أنني … بدا لي شَيْبُ الرَّأْسِ والضَّعْفُ والألمْ

ألمَّ بيَ الخَطْبُ الذي لو بَكَيتُهُ … حياتيَ حتَّى ينفَدَ الدَّمْعُ لم أُلَمْ

وأنشدني لنفسه: [من الرجز]

أوصيكُمُ بالقَوْلِ في القُرْآنِ … بقيلِ أَهْلِ الحَقِّ والإتْقانِ

ليس بمخلوقٍ ولا بفانِ … لكنْ (٢) كلامُ المَلِكِ الدَّيَّانِ

آياتُهُ مُشْرقةُ المعاني … متلوَّةٌ لله باللِّسانِ

محفوظة في الصَّدْرِ والجَنَانِ … مكتوبةٌ في الصُّحْفِ بالبَنانِ

والقولُ في الصِّفاتِ يا إخواني … كالذَّاتِ والعِلْم مع البيانِ

إمرارها من غيرِ ما كُفْران … من غيرِ تشبيهٍ ولا عُدْوان

وأنشدني لغيره: [مجزوء الكامل]

لي حيلةٌ فيمن ينمُّ … وليس في الكذَّاب حِيلَهْ

مَنْ كان يَخْلُقُ ما يقو … لُ فحِيلَتي فيه قليلَهْ

ورثاه [جماعةٌ، منهم] (١) شمسُ الدِّين محمد بن سَعْد، فقال: [من البسيط]

يا عاذليَّ أَفيقا مِنْ ملامِكُما … وعلِّلاني فإني اليومَ سكرانُ

أَبَعْدَ أَنْ فَقَدَتْ عيني أبا عُمَرٍ … يضُمُّني في بقايا العُمْرِ عُمْرانُ

ما للمساجِدِ منه اليوم مُقْفِرَةً … كأنَّها بعد ذاكَ الجَمْعِ قِيعانُ

ما للمحاريبِ بعد الأُنْس مُوْحِشَةً … كأنَّ لم يُتْلَ فيها الدَّهْرَ قُرْآنُ


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) في (ح): إلا، والمثبت من "المذيل على الروضتين": ١/ ٢٢١، بتحقيقي. وأبو شامة ينقل عن "المرآة".