للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما قلتُ: وكنتَ إمام الموقفين عظيمة مساعيك، وعنيت موقف الجهاد والحج بكى، وقال: مَنْ أنا حتى يكون لي مساعٍ؟ وزاد بكاؤه، فخفتُ عليه لا يفتضح بين العامة، فقلتُ: لا ينسى الله لك مواقفك في رضائه، وسهرك الليالي في جهاد أعدائه.

ذِكْرُ ما بنى [من المدارس وغيرها] (١):

بنى مدرسةً بقاسيون، ودفن فيها والدته، وأخاه المغيث، ومدرسةَ القُدْس، ودار المضيف، واعتنى بأرضِ الحجاز، فبنى حَمَّامين بمعان للرِّجال والنِّساء، وأقام لهم الضيافة عند رواحهم إلى مكة ومجيئهم، وأباحهم الحمامين، وذَرَعَ طريق الحجاز من باب الجابية إلى مكة، وحفر البرك والمصانع، وأوقف على ذلك ضياعًا من السَّاحل وعلى المدارس، ولو عاش لسار النَّاس إلى مكة بغير دليل، [وكان قد حجَّ في سنة إحدى عشرة على طريق تبوك والعُلا، ففعل ما ذكرناه في طريقه،] (١) وكانت العُلا لبني صخر، وهي قلعة، فأخذها منهم، ورتَّب فيها جماعة، وعَمَرَ المساجد عند جعفر الطَّيَّار ، وأقام الضِّيافات للزُّوَّار، وبنى سور دمشق، والطارمة التي على باب الحديد، والطَّيَّارة التي عند باب السِّرِّ المشرفة على دار الطُّعْم العتيقة، وبنى الخان على باب الجابية، وبنى الدَّار والقصر والقَيسارية، وغير ذلك.

ذِكْرُ ثناء الخلفاءِ والملوكِ عليه:

لما قدم [خالي] (١) محيي الدين بن الجوزي عليه سنة ثلاثٍ وعشرين وست مئة، قال [لي] (١): قد أُمرت من الدِّيوان ألا أخاطبه إلَّا بشهريار الشَّام، وهو الملك.

[(٢) ولما اجتمعت بالملك الظاهر في سنة اثنتي عشرة وست مئة قال لي:] والله هو واسطة العقد، وعين القلادة، ولولا هِمَّتُه، وأَنَّه مشغولٌ بجهاد الأعداء لما فَرَّ لي بحلب قرار.

وكان الملك الكامل (٣) يقول: وهل أنبت الشَّعْر على رؤوسنا إلا الملك المعظم، [وقال لي الكامل في مصر:] (١) ومن حفظ عليَّ البلاد، وأحياني بعد الموت غيره. يشير إلى نوبة ابنِ المَشْطوب.


(١) ما بين حاصرتين من (ش).
(٢) في (ح): وقال الملك الظاهر صاحب حلب عنه … ، والمثبت ما بين حاصرتين من (ش).
(٣) سلف أن قائل ذلك هو الأشرف، انظر ص ٢٧٩ من هذا الجزء.