خلا من أنين النَّادمين على الذي … بدا منهمُ من سالفِ الفرطاتِ
خلا من صلاة العارفين لربهم … وتسبيحهمْ في حالك السُّدَفاتِ
لتبك على القدس البلادُ بأَسْرِها … وتعلنُ بالأحزان والتَّرَحاتِ
ويلبسن أثوابَ الحِداد تأسُّفًا … يرحن بها ما عشن متشحات
فقد كُنَّ منه في خفارة رحمةٍ … زمانًا من الأسواء محتمياتِ
لِتَبْكِ عليه مكة فَهْيَ أُخته … وتشكو الذي لاقت إلى عرفاتِ
لِتَبْكِ على ما حَلَّ بالقُدْس طيبة … وساكنها المدفون في الحُجُراتِ
لعلَّ رسولَ الله يسألُ رَبَّه … تداركها من هذه الهلكاتِ
لِتَبْك بلادُ الشَّام للقُدْس خاصَّة … وتصبحُ من أمثالها حَذِراتِ
لقد طَرَقَ الإسلام يا حار بغتةً … وشَرُّ البلايا طارقُ البغتاتِ
لقد هدموا مجدَ الصَّلاح بهدمه … وقد كان مجدًا باذخ الغُرُفاتِ
وقد أخمدوا صوتًا وصيتًا أثاره … لهمْ عُظْمُ ما نالوا من الغَزَواتِ
أما عَلِمَتْ أبناءُ أيوبَ أَنَّهمْ … بمَسْعاتِهِ عُدُّوا من السَّرَواتِ
وأنَّ افتتاحَ القُدْس زهرةُ مُلْكهمْ … وهل ثمرٌ إلا من الزَّهَراتِ
فمن لي بنُوَّاحٍ يَنُحْنَ على الذي … شَجَانا بأصواتٍ لهنَّ شُجَاةِ
يُرَدِّدْنَ بيتًا للخُزَاعيِّ قاله … يُؤَبِّنَّ فيه خِيرَةَ الخِيَرَاتِ
مدارسُ آياتٍ خَلَتْ من تِلاوةٍ … ومَنْزِلُ وَحْي مُوْحِشُ العَرَصاتِ
من أبيات.
وأكثر الشعراء في ذلك، وحكي أَنَّ فقيرًا بات بالقدس، فسمع قائلًا يقول في الليل: [من الخفيف]
إنْ يكنْ بالشَّآمِ قَل نصيري … وتهدَّمْتُ ثُمَّ دامَ هلوكي
فلقد أصبح الغداةَ خرابي … سمةَ العارِ في حياةِ الملوكِ
ومضى عز الدين أيدمر إلى الكامل من نابُلُس، وكان النَّاصر قد أهانه، فأعطاه عشرين ألف دينار، وغرَّقه بالإنعام، وكذا العزيز، وكان الكامل قد عَزَمَ على العَوْد إلى