للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والرَّاجل على أنَّه متوجِّه إِلَى نابُلُس على بانياس، فبات بالمجدل، وكتب بطاقةً إِلَى أَيُّوب يخبره بوصوله إليه، وقام وقت السَّحَر، وقَصَدَ دمشق، ووصل عقبة دمر، ووقف، وجاء صاحب حِمْص من وادي منين، وقصدوا إِلَى باب الفراديس، ففتحوه فِي ساعةٍ واحدة، وما كان عليه أحد، ودخلوا، فنزل الصَّالح فِي داره بدرب الشعارين، وأول من دخل عليه، ورَقَصَ بين يديه وهنَّأه، وقال: إِلَى بيتك جِئْتَ نجمُ الدِّين بنُ سلام، ونزل صاحبُ حمص فِي داره، وأصبحوا يوم الأربعاء ثامن وعشرين صفر، فزحفوا على القلعة، ونقبوها من ناحية باب الفرج، وهتكوا حُرْمتها، ودخلوها، وبها المغيث عمرُ بنُ الصَّالح أَيُّوب، فاعتقله إسماعيل فِي بُرْج، واستولى على ما فِي القلعة، ولم يكن بها ذخائر ولا عُدَّة، [وكان الصالح أَيُّوب قد ركن إِلَى أيمان إسماعيل وعهوده ومواثيقه، وما ظن أنَّه ينكث أيمانه، ولا يفكر فِي عواقبه، وضيَّع أَيُّوب الحَزْم] (١)، فبلغ الصالح أَيُّوب ما جرى، وقيل له: لم تؤخذ القلعة، فخلع على عمَّيه مجير الدِّين وتقيِّ الدِّين والركين وألتميش وغيرهم، وأعطاهم الأموال، وقال: ما الرأي؟ قالوا: نسوق إِلَى دمشق قبل أن تؤخذ القلعة. فخرجوا من نابلُس، ونزلوا القصير، وبلغهم أخذ القلعة، [فساروا] (١) عن أَيُّوب بأسرهم، وخافوا على [أثقالهم و] (١) أولادهم وأهلهم بدمشق، وكان الفساد قد لعب فيهم، فرحلوا إِلَى دمشق، وبقي أَيُّوب فِي مماليكه وغِلْمانه، ومعه جاريته أُمُّ خليل، فرحل من القصير يريد نابُلُس على طريق جينين، وطمع فيه أهلُ الغور والقبائل، وكان مقدَّمهم شيخٌ جاهل يقال له قبل من أهل بَيْسان -قد سَفَك الدِّماء، والتقتِ الجيوشُ بسببه-[ورأيته بمصر بعدما تملكها أَيُّوب، وقد عفا عنه، وأحسن إليه] (١) - فتَّبعوه، وما زالوا وراءه وهو يحمل عليهم، فيفرِّق جَمْعهم، وأخذوا بعضَ ثَقَلَه، ووصل إِلَى سَبَسْطية، فنزل عليها، وكان الوزيري قد عاد إِلَى نابُلُس، فأرسل إليه يقول: قد مضى ما مضى، وما زالت الملوكُ كذا، وقد جئتُ مستجيرًا بابن عمِّي. ونَزَلَ فِي الدَّار بنابُلُس، واتَّفق عَوْدُ النَّاصر من مِصْر على غير رضي، فوصل [إِلَى] (١) الكرك، وكَتَبَ الوزيريُّ إليه يخبره الخبر، فبعث النَّاصرُ عمادَ الدِّين بن موسك، والظَّهير بن سُنْقُر الحلبي فِي ثلاث مئة


(١) ما بين حاصرتين من (ش).