للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها يوم داحِس، وهو فرس مشهور لقَيْس بن زُهَير العَبْسي، وداحِس بن ذي العُقّال، فرسُ حَوْط بن [أبي] جابر بن حَنْظَلة (١)، وكانت أمُّ داحس لقِرْوَاش بن عوف ابن عاصم، ويقال لها: جَلْوى، وإنَّما سُمّي: داحساً؛ لأنَّ ذا العُقَّال نزا على جَلْوى من غير علم صاحبه حَوْط، فلما علم شَقَّ عليه، وقال: والله لا أرضى حتَّى آخذ ماء فَحْلي، فكرهت بنو ثعلبة الشرَّ، وقالوا: دونَك ماء فَحْلك، فأدخل يده في رَحِم جلوى، ودسّها حتَّى كاد أن يفتح رَحِمَها، فلم يلقَ شيئًا، ونَتِجَتْ جلوى داحساً، فرآه حَوْط فقال: ابن فَحْلي، لا أتركُه، فكرهوا الشرّ، فبعثوا به إليه ومعه قلائص، فاستحيا، فردَّه عليهم.

وتلخيصُ القصة: أنَّه كان من حديث داحِس والغَبْراء، أن رجلًا من بني عَبْس يُقال له: قِرْواش بن هُنَيّ بارى حَمَل بن بدر، فقال: داحِس أجودُ من الغَبْراء، وقال حَمَل: الغَبْراء أجود، وكانت الغبْراء لحُذَيفة بن بدر، وداحِس لقيس بن زهير، وتَراهنا على عَشْر قَلائص، فأتى قِرواش إلى قيس بن زهير فأخبره بالرّهان، فقال قيسٌ: راهِن من شئت، وجنِّبني بني بَدر فإنَّهم قومٌ يظلمون، فقال قِرواش: قد أَوجَبْنا الرهان، فقال: والله لتُشعِلَنَّ علينا شرّاً، ثم أتى قيس حملَ بنَ بدر وحذيفةَ بن بدر، فقال: إنما أتيتُك لأُواضِعك الرّهان عن صاحبي، فقال: لا والله، أو تجيءَ بالعَشْر قلائص، فأحْفَظ ذلك قيساً، وغضب، وتزايدا حتَّى بلغا مئةَ قَلُوص، ووضعا الرهان على يَدَيْ غَلّاق بن سعد أحد بني ثعلبة (٢)، وجعلا الغاية مئة غُلْوَة، وجعلا الغُلْوَةَ من ذات الإِصاد إلى هَضْب القَليب (٣)، ثم قادوا الفرسين إلى الغاية، فجعل حَمَلُ بنُ بَدر حَيْساً في دِلاء، ووضعه في شِعْب من شعاب هَضْب القَليب، على طريق الفرسين، وأَكمن فيه فتياناً، وأمرهم إن جاء داحِسٌ سابقاً أن يَرُدُّوا وجهَه إلى الغاية، فسَبق داحس، فلما دنا من الفِتية، وثب زهير بنُ عبد عمرو فلَطم وجهَه، ورَدَّه إلى الغاية، وجاءت الغَبْراء، وعَلم


(١) في النقائض ٨٣، والأغاني ١٧/ ١٨٧: حوط بن أبي جابر بن أوس بن حميري. وما بين معكوفين منهما.
(٢) في النقائض ٨٦، والفاخر ٢٢١، والأغاني ١٧/ ١٩١، ومجمع الأمثال ٢/ ١١١: ووضعا السَّبقَ على يَدَيْ غلاق أو ابن غلاق أحد بني ثعلبة بن سعد.
(٣) الغلوة: الرمية بالنُّشابة، وهذه أسماء مواضع.