للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن تكُ خَيلي قد أُصيبَ صَميمُها … فعَمْداً على عَينٍ تيمَّمتُ مالِكاً

وكان هاشم على فرسه الشمَّاء، فوقع منها، وعادت، ومشى، فلقيه عمرو بن قيس الجُشَمي فقتله بمعاوية وقال: [من الرجز]

أنا قتلتُ هاشمَ بنَ حَرْمَلَهْ … أَقتلُ ذا الذَّنبِ ومَنْ لا ذَنبَ له (١)

ومنها يوم الخابور بالجزيرة، قَتل فيه عميرُ بن الحُباب نُفَيْعَ بن سالم، وفيه يقول

الشاعر: [من الكامل]

وَلَوَقْعةُ الخابورِ إن تكُ خِلْتَها … خلقتْ فإن سَماعَها لم يخْلَقِ (٢)

ومنها يوم خَو، فيه قَتل ذُؤاب بنُ رُبَيِّعة الأسدي عُتَيبةَ بن الحارث بن شهاب صيَّادَ الفوارس، وسببُ ذلك:

أغارت بنو أَسد على بني يَرْبوع، فاستاقوا إبلَهم، وأتى الصَّريخُ إلى الحيِّ، فلم يتلاحقوا إلى آخر النَّهار، وجاء الليل وكان ذُؤابٌ على فرس أُنْثى، وعُتَيبةُ على حصان، فجعل الحصان يَستَنشق ريحَ الأُنثى في سَواد الليل، ولم يعلم عُتَيْبَة إلَّا وقد أُقْحم حصانُه على فرس ذُؤاب، وكان عُتَيبة قد لبس دِرْعَه، وغفل عن جَيْبها فلم يشدَّه لِعجلته، ورآه ذؤاب، فطعنه في ثُغرة نَحْره فقتله، وشد الربيعُ بن عتيبة على ذؤاب فأسره، ولم يعلم أنَّه قاتلُ أبيه، فكان عنده أسيراً، حتَّى فاداه أبوه رُبَيِّعةُ على إبل معلومة، وأن يوافيه بها إلى سوق عُكاظ في الأشهُر الحُرُم، ويوافيه الرَّبيع بذؤاب، وأقبل رُبَيِّعةُ بالإبل، وشُغِل الربيعُ فلم يَحضر بالأسير، فلم يشك أبوه أنهم قد قتلوه بعتيبة، فقال يرثيه بأبيات منها: [من الكامل]

إن يَقتلوك فقد ثَلَلْتَ عُروشَهم … بعُتَيبةَ بنِ الحارث بن شِهابِ (٣)

وسمعه رجل من يَرْبوع، فجاء إلى بني عُتَيبة فقال: هل تدرون من قتل أباكم؟ قالوا: لا، قال: ذؤاب أسيركم، وأنشدهم الشعر، فقالوا له: أنت قاتلُ أبينا، فقال: لا والله، لا أَقَر عيونكم بها، فأخرجوه فقتلوه.


(١) العقد ٥/ ١٦٥ - ١٦٦، وبيت خفاف في ديوانه ٤٨٤ (شعراء إسلاميون).
(٢) مجمع الأمثال ٢/ ٤٣٥، وفيه أن المقتول عمير بن الحُباب، والشاعر نفيع بن سالم.
(٣) العقد ٥/ ٢٤٩، وأمالي القالي ٢/ ٧٢، وشرح ديوان الحماسة ٨٤٥.