للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والرّجَّالة والظُّعُنِ، فانصرفوا عنهم، ومضى بنو عَبْس إلى بني ضَبَّة فأقاموا فيهم (١)، ثم رجعوا إلى قومهم بني ذُبيان فصالحوهم، ثم جرى بينهم أمر فالْتَقَوا، ثم اصطلحوا.

وسببُ ما جرى بينهم أن حَرْمَلَة بن الأَشْعَر بن صِرمَة بن مُرَّة سعى لهم في الحَمالة بينهم، فمات، فسعى ابنُه هاشم بن حَرْملة، فلما توافقوا على الصلح، وقفت بنو عَبْس بقَطَن، فأقبل حُصين بن ضَمْضم، فطعن تَيْحان المخزومي، فقتله بأبيه ضمضم، فقالت بنو عبس: لا نصالحهم أبداً، والتقوا بقطن، فسفر بينهم السُّفَراء، فاصطلحوا.

ومنها يوم الكَدِيْد، قُتل فيه ربيعة بنُ مُكَدم فارس كِنانة، قتلته بنو سُلَيم، وهو من بني فِراس بن غَنْم، وهو أنْجد العرب، كان الرجل منهم يُعَدّ بعشرة من غيرهم، وقد مدحهم عليٌّ ، فقال: يا أهل الكوفة، وَدِدتُ والله أن لي بجميعكم، وأنتم مئةُ ألف، ثلاثَ مئة من بني فِراس بن غَنْم.

وكان يُعْقَر على قبر ربيعة بن مكدم في الجاهلية، ولم يُعْقَر على قبر أحدٍ سواه (٢).

ومنها يوم الكُلَاب الأول، لما غلب سُفهاء بَكْر بن وائل على كُبَرائها، اجتمع رؤساؤهم، وقالوا: الرأي أن نُمَلكَ علينا ملِكاً يُنْصِف المظلومَ من الظالم، ويَردع القويَّ عن الضعيف، فأتوا تبَعاً، وعَرفوه أمرَهم، فولى عليهم الحارث بن عَمرو الكِنْدي، آكل المُرار، فقدم عليهم، ونزل ببَطْن عاقل، فغزا ببكرٍ، حتَّى انتزعَ ما في أيدي ملوك الحيرة اللخمييْن، وما في أيدي الغسانيين، وردَّهم إلى أقصى أعمالهم، ثم طُعِنَ في بطنه ببطن عاقل، فمات.

وخلّف ابنيه شُرَحْبيل وسلمة، فاختلفا [في المُلك] وتواعدا الكُلاب، وأقبل شُرَحبيل في ضَبة والرباب وبني يربوع وبكر بنِ وائل، وأقبل سَلمةُ في النَّمِر (٣)، ومالك ابن حنظلة، وعليهم سفيان بن مُجاشع، وتَغلب، وعليها السَّفَّاح لأنَّه سفح أَسْقِيَةَ قومه، وقال: اسبقوهم إلى الكُلاب، فسبقوا ونزلوا عليه، والتقوا واستحرَّ القتلُ في


(١) في النسخ: فصالحوهم، والمثبت من العقد ٥/ ١٥٨، وقد جمع المصنف هنا بين يومي قطن والفروق، وانظر النقائض ٤٢٠.
(٢) العقد ٥/ ١٧٤، وانظر الأنوار ١/ ١١٣.
(٣) في النسخ: اليمن، والمثبت من العقد ٥/ ٢٢٣ وما بين معكوفين منه.