للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأوَّلُ من قال ذلك: الحارث بن سَلِيل الأسدي، أراد به: أن الرجل الحُرَّ يَصونُ نفسَه عن الخَسائس (١).

لا أطلُبُ أَثَراً بعد عَيْن، أَوّلُ مَن قاله مالك بن عمرو الباهلي، وقيل العاملي: قُتل أخوه سِماك، فخرج يطلب قاتلَه، فرآه في رَكْبٍ، فقالوا له: يا مالكُ خُذْ مئةً من الإبل ولا تقتلْه، فقال: لا أطلبُ أَثَراً بعد عين، وحمل عليه فقتله. فضرب مثلاً لمن ترك شيئًا وهو يراه، ثم تتبَّع أَثَرَه بعد فوات عَينه (٢).

تَسْمَع بالمُعَيْدِيِّ لا أن تَراه، يُضربُ مَثَلاً للرجل الذي له صِيتٌ وذكرٌ في الناس، فإذا رأيتَه ازْدَرَيتَه، وأولُ مَن قال ذلك المُنذر بن ماء السماء، بَلغَه عن بعض أَحياءِ العرب أن لهم جمالاً وهَيبة، فلما حضروا بين يديه لم يجدهم كما وصفوا، فقال ذلك، فصار مَثلاً (٣).

تَعِسَت العَجَلَة، أوَّلُ مَن قاله فِنْد مولى عائشة بنت سعد بن أبي وَقّاص، بعثَتْه ليأتيها بنار، فصادف قوماً خارجين إلى مصر، فخرج معهم، فأقام بها سنة، ثم ندم فعاد، وأخذ ناراً وجاء بها إلى عائشة يعدو، فعثر فتبَدَّد الجمرُ، فقال: تَعِسَت العَجَلة. وفيه يقول عبيد الله بن قيس الرُّقَيَّات: [من الخفيف]

قُلْ لفِنْدٍ يُشَّيَعُ الأَظْعانا … طالَ ماسَرَّ عيشنا وكَفانا (٤)

كجار أبي دُؤاد، هو كَعْبُ بنُ مامة، ما جاوره جارٌ إلا وأحسن إليه، وأَخلف له ما تَلِفَ من مال وغير ذلك.

فضربت العربُ به المَثَل، قال قيس بن زهير:

أُطوِّف ما أُطوِّفُ ثم آوي … إلى جارٍ كجارِ أبي دُؤادِ (٥)


(١) أمثال أبي عبيد ١٩٦، والبكري ٢٨٩، والفاخر ١٠٩، والعسكري ١/ ٢٦١، والميداني ١/ ١٢٢، والزمخشري ٢/ ٢٠.
(٢) أمثال أبي عبيد ٢٤٨، والعسكري ٢/ ٣٨٩، والميداني ١/ ١٢٧ و ٢/ ٢١٥، والزمخشري ٢/ ٢٤٢.
(٣) أمثال أبي عبيد ٩٧، والفاخر ٦٥، والعسكري ١/ ٢٦٦، والميداني ١/ ١٢٩، والزمخشري ١/ ٣٧٠، والبكري ١٣٥.
(٤) الفاخر ١٨٩، ومجمع الأمثال ١/ ١٣٩، والأغاني ١٧/ ١٧٦، وديوان عبيد الله ١٥٧.
(٥) مجمع الأمثال ١/ ١٦٣، وثمار القلوب ١٢٧، وبرواية: أجود من كعب في الدرة ١/ ١٢٩، والزمخشري ١/ ٥٤ وفيهما البيت.