للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يومئذ، فقال له: يا أبا الوليد، ما هذا المسيرُ؟ قال: لا أدري والله، غُلِبْتُ. قال: فأنت سيدُ العشيرة، فما يمنعُك أن تَرْجِعَ بالناس، وتحملَ دمَ حليفك، وتحمِل العِيرَ التي أصابوا بنخلةَ، فتوزِّعَها على قومك، والله ما تطلبون قِبَل محمدٍ إلا هذا، والله ما تقتلون إلا أنفسكم (١).

ثم بعث أبو جهل إلى عامر بن الحضرمي وقال: هذا حليفك يريد أن يرجع بالناس، وقد رأيت ثأرك بعينك فانْشُد مقتل أخيك، فقام عامر واكتشف وصاح: واعمراه واعمراه، وثار الناس، ونشِبت الحرب (٢).

وكان رسول الله قد هيّأ أصحابه، وعبّأهم بعد صلاة الفجر، وقال علي : ما منا رجل ليلة بدر إلا نام إلا النبي ، فإنه مازال متوشحًا بسيفه تلك الليلة يصلي ويدعو إلى الصبح (٣).

وبعث إلى قريش عمر بن الخطاب يقول: ارجعوا فَلأَن يَليَ هذا الأمرَ مِني غيرُكم، أحب إلي من أن تلوه مني وأَليَه من غيركم أَحبُّ إلي من أن أَلِيَه منكم. فقال حكيم بن حزام: قد عرض عليكم النَّصَف (٤) فاقبلوه، والله لا تنصرون بعد أن عرضه عليكم، فقال أبو جهل: والله لا نرجع بعد أن أمكننا الله منه، ولا نطلب أثرًا بعد عين، ولا يعترض لعيرنا بعدها أبدًا (٥).

وأول قتال جرى يوم بدر، أن الأسود بن عبد الأسد المخزومي قال: عاهدت الله لأَشربن من حوضهم، ولأَهدمنَّه. وهجم عليهم، فحمل عليه حمزة فضربه بالسيف في رأسه، فوقع على ظهره فلم يزل يحبو حتى اقتحم الحوض يريد أن يَبَرَّ في يمينه، فقتله حمزة (٦).


(١) "المغازي" ١/ ٦٠.
(٢) "السيرة" ٢/ ١٩٤.
(٣) أخرجه أحمد في "مسنده" (١٠٢٣)، وانظر "تاريخ الطبري" ٢/ ٤٢٧، و"المنتظم" ٣/ ١٠٥.
(٤) في (خ): "النصح".
(٥) "المغازي" ١/ ٦١.
(٦) "السيرة" ٢/ ١٩٤، و"تاريخ الطبري" ٢/ ٤٤٥، و"المنتظم" ٣/ ١٠٧.