للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله (١).

وقيل: إنما وقف جبريل مع رسول الله ، وهو الأصح.

ولم تقاتل الملائكة إلا في يوم بدر، وفيما سواه يشهدون القتال ولا يقاتلون، بل يكونون مددًا وعددًا (٢). ورئي رسول الله في آثار المشركين مصلتًا للسيف وهو يقول: ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾ [القمر: ٤٥].

وأخذ كفًّا من حصى أو تراب، ورمى به في وجوه الكفار وقال: شاهت الوجوه. فلم يبق مشرك إلا وقع في عينه من ذلك شيء، وانهزموا. فأنزل الله تعالى: ﴿وَمَا رَمَيتَ إِذْ رَمَيتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾ [الأنفال: ١٧] الآية (٣).

وعن أبي طلحة: أن النبي مر يوم بدر بأربعة وعشرين من صناديد قريش، فقذفوا في طَوِيٍّ من أطواء بدر، وكان إذا ظهر على قوم، أقام بالعَرْصَةِ ثلاث ليال، فلما كان اليوم الرابع من بدر أمر براحلته فَشُدَّ عليها رحله، ثم مشى واتَّبعه أصحابه، فجاء فوقف على شفير الرَّكي وجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم: "يا فلانَ بن فلان، أَيَسرُّكم أنَّكم أَطَعتُم الله ورَسُولَه، فإنَّا قد وَجَدنا ما وَعَدَنا ربُّنا حَقًّا، فَهَل وجَدْتُم ما وَعَدَكم ربُّكم حَقًّا"؟ فقال له عمر بن الخطاب: ما تكلم من أجساد لا أرواح فيها، فقال: "والذي نَفسِي بيده ما أَنتُم بأَسْمَعَ لما أَقُولُ منهم" (٤).

وعن عمر بن الخطاب قال: كان رسول الله يرينا مصرع القوم، فيقول: "هذا مَصْرَعُ فلانٍ غدًا إنْ شَاء اللهُ تعالى، هذا مَصْرعُ فُلانٍ". فوالذي بعثه بالحق ما أخطؤوا الحدود التي حددها لهم، فَجُعِلوا في بئر بعضهم فوق بعض (٥).

ولما وقف رسول الله على القَليب قال: "يا أَهْلَ القَلِيبِ، بئسَ واللهِ العشيرة


(١) أخرجه أبو يعلى (٤٨٩)، والحاكم في "المستدرك" ٣/ ٦٩.
(٢) أخرجه الطبري في "تفسيره" ٤/ ٩٩، والطبراني في "الأوسط" (٩١٢٥) من حديث بن عباس .
(٣) أخرجه الطبراني في "الكبير" (٣١٢٨) من حديث حكيم بن حزام، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٦/ ٨٤: إسناده حسن.
(٤) أخرجه البخاري (٣٩٧٦)، ومسلم (٢٨٧٥).
(٥) أخرجه مسلم (٢٨٧٣).