للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله : "عَرَّقَ الله وجهك في النار" (١).

ورماه عتبةُ بن أبي وقاص فشجَّ وجهه وجبينه وكسر رَباعِيَتَه، فدعا عليه رسول الله وقال: "اللهمَّ لا يحلْ عليه حَوْلٌ" (٢). فمات كافرًا مِنْ وَجَعٍ أَزْمَنَهُ.

وقال البلاذُري: كان عبد الله بن شهاب الزُّهري، وعتبة بن أبي وقاص، وعبد الله بن الأدرمي (٣)، وأبي بن خلف، وعبد الله بن حميد بن زهير، قد تعاقدوا على قتل رسول الله ، فأما ابن شهاب فأصاب جبهته، وأما عتبة فرماه بأربعة أحجار فكسر رَباعِيَته اليُمنى وشق شَفته العليا، وأما ابن قميئَة فكَلَمَ وَجْنَتيه وغَيَّب حَلَقَ المِغْفَر فيها، وعلاه بالسيف فلم يعمل فيه، وسقط رسول الله فَجُحِشَت ركبتاه، وأما أُبَيُّ بنُ خَلفٍ فشدَّ على رسول الله بحربة، فأعانه الله عليه فقتله، وأما عبد الله بن حميد فشد عليه أبو دجانة فضربه بالسيف (٤). وأما ابن شهاب فنهشته أفعى عند عوده إلى مكة فمات.

وقال سهل بن سَعْد: جُرحَ وجهُ رسول الله يوم أحد، وكُسِرت رَباعِيَتُه اليمنى، وهُشِّمت البيضة على رأسه، فكانت فاطمة تغسل الدم عن وجهه، وعلي رضوان الله عليه يسكب عليها، فلما رأت أن الماء يزيدُ الدمَ كثرةً، أخذت قطعة حصير، فأحرقته حتى صار رمادًا، ثم ألصقته بالجُرح، فاستمسك الدم. أخرجاه في "الصحيحين" (٥).


(١) هكذا جاء سياق الحديث في نسخنا، والصواب أن حبان بن العرقة إنما رمى سعد بن معاذ في أكحله، وكان ذلك في يوم الخندق كما أخرجه البخاري (٤١٢٢)، ومسلم (١٧٦٩) من حديث عائشة قالت: أصيب سعد يوم الخندق رماه رجل من قريش يقال له: ابن العرقة رماه في الأكحل.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" ٢٢ / (١٠٩١) من حديث الزبير بن بكار في معرض حديثه عن خديجة قال: وحبان بن عبد الله أخو هالة لأبيها وأمها هو الذي رمى سعد بن معاذ يوم الخندق فقال: خذها وأنا ابن العرقة فقال رسول الله : "عرق الله وجهك في النار" فجعل هذا الدعاء من كلام النبي ، وانظر "المغازي" ١/ ٤٦٩.
وأخرجه ابن هشام في "السيرة" ٣/ ١٣٥ - ١٣٦ من حديث عائشة، والحاكم ٣/ ٢٢٧ من حديث عبد الله بن كعب بن مالك قال: فلما أصابه قال: خذها مني وأنا ابن العرقة، فقال له سعد: عرق الله وجهك في النار. فجعلا الدعاء من كلام سعد. والله أعلم.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٩٦٤٩) من حديث مقسم، وانظر "السيرة" ٣/ ٢٨.
(٣) هو ابن قميئة.
(٤) "أنساب الأشراف" ١/ ٣٧٨.
(٥) أخرجه البخاري (٢٩١١)، ومسلم (١٧٩٠).