للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والبحر والحجاز، وقد ذكرها ابن حَوقل فقال: والرمل المعروف بالهَبير هو الذي طوله من وراء جبلي طييّء إلى أن يتصل بالجفار من أرض مصر، وعرضه من الشقوق إلى الأَجْفُر، ويقطع النيلَ إلى المغرب، ويمتد في أرض سِجِلْماسة إلى البحر المحيط، وله عرق يضرب إلى البحرين وعمان، ويقطع البحر الشرقي إلى جَيحون وخُوارِزم وسَمَرقند، ويتصل بالعين فيه ألوان من الرمل مختلفة: أصفر وأحمر وأبيض وأسود. وقال قدامة: وفي وسط البحر الشرقي يعني الحبشي كثيبُ رملٍ أحمر بعيد المسافة وفيه أمَّة سود الألوان عظام الأجسام.

وأما القلاع فأبلغ من أن تحصى، فمن قلاع (١) المشرق قلعة سليمان باصطخر، وقلعة بفارس بناها زياد بن أبيه، وقُفُّ، وانطرور وديول (٢) وكردكوه.

وفي خراسان حصون كثيرة، وكذا في ما وراء النهر، ومن أحصَن قلاع خُراسان قلعة نيزك، وهي قلعة عظيمة فتحها يزيد بن المهلب بن أبي صُفْرة في سنة أربع وثمانين، وقد مدحها الشعراء. وليس في الشرق أحصَنَ من قلعة باب الأبواب، وقد ذكرناها في جبل الفتح، وفي بلاد أرمينية قلاع كثيرة.

ومن قلاع الجزيرة قلعة ماردين، ذكر جدي في "المنتظم" عن أبي الحسين المنادي أنه قال: أُسستْ قلعةُ ماردين على مصابرة العدو أربعين سنة، فلو نزل عليها ملك بجيشه لما افتتحها عَنوة، قال: وفيها من العيون العذبة عشرة أعين (٣).

قلت: وقد وهم ابن المنادي، فإن المعتضد افتتحها عَنوة في مدة يسيرة لما نذكر في أيامه (٤)، والعادل أبو بكر بن أيوب (٥) أقام عليها تسعة أشهر ولم يبقَ إلا أن يفتحها، فجاءه خبر وفاة ابن أخيه العزيز عثمان فرحل عنها (٦).


(١) "صورة الأرض" ص ٤٢.
(٢) رسمت في (ل): "وانظر وزددبوك"، ولم نقف عليهما، والمثبت من "كنز الدرر" ١/ ١٥٦.
(٣) "المنتظم" ١/ ١٥١، وفيه: "عشرات كثيرة" بدل: "عشرة أعين".
(٤) في سنة (٢٨١ هـ).
(٥) هو محمد بن أيوب، اشتهر بكنيته، وستأتي ترجمته في سنة وفاته (٦١٥ هـ).
(٦) سيأتي الخبر في سنة (٥٩٤ هـ).