للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على شَفير القبر وقال: "لقد رأيت الملائكة غسلت حمزة" (١).

وأمر أن يُوضَعَ على قدميه الحَرْمَلُ، ودفن حمزة وعبد الله بن جحش في قبر واحد (٢).

وقتل حمزة رضوان الله عليه وهو ابن تسعٍ وخمسين سنة، وقيل: ابن ثلاث وستين سنة.

وبكت نساء الأنصار على قتلاهن، فسمع ذلك رسول الله فذرفت عيناه، وقال: "لكن حمزة لا بواكيَ له". فسمعه سعد بن معاذ وأسيد بن الحضير، فرجعا إلى نسائهما فساقاهُنَّ إلى باب رسول الله وقالا: ابكين حمزة، فبكينه، فدعا لهن رسول الله وأمرهن بالانصراف (٣).

ولما رجع الكفار عن أحد، هرب معاوية بن المغيرة على وجهه فدخل المدينة، ثم أتى باب عثمان بن عفان وكان ابن عمه فضربه، فقالت أم كلثوم بنت رسول الله : من أنت؟ فقال: أين عثمان؟ فقالت: ليس هو ها هنا. فقال: أَرْسلي إليه فله عندي ثمن بعير كنتُ اشتريتُه منه. وجاء عثمان فنظر إلى معاوية فقال: أهلَكْتَني وأهلكتَ نفسك. فقال: يا ابن عم، لم يكن أحد أمسَّ بي رحمًا منك فأجرني، فأدخله عثمان منزله وصيره ناحية، ثم خرج عثمان ليأخذ له أمانًا من رسول الله ، فسمع رسول الله يقول: "إنَّ مُعاويةَ بالمدِينَةِ، فَاطْلُبُوهُ". فدخلوا منزل عثمان، فأشارت إليهم أم كلثوم بأنه في ذاك المكان الذي هو فيه، فأخرجوه وأتوا به رسول الله ، فأمر بقتله. فقال عثمان: والذي بعثك بالحق ما جئتُ إلا لآخذ له أمانًا، فهَبْه لي، فوهبه له وأجَّله ثلاثًا، وأقسم إن وجده بعدها قتله، وخرج رسول الله إلى حمراء الأَسد، وأقام معاوية ثلاثًا يستعلم أخبار رسول الله ليأتي بها قريشًا، فلما كان في


(١) "الطبقات الكبرى" ٣/ ٩.
(٢) "الطبقات الكبرى" ٣/ ٩.
(٣) ذكره بهذا اللفظ الطبري في "تاريخه" ٢/ ٥٣٢، وأخرجه أحمد في "مسنده" (٥٦٦٦) من حديث ابن عمر ولم يذكر سعدًا ولا أسيدًا وزاد فيه: "يا ويحهن! أنتن ها هنا تبكين حتى الآن؟! مروهن فليرجعن ولا يبكين على هالك بعد اليوم".