للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن أمية على رسول الله فأخبره الخبر فقال: "هَذا مِن عَمَلِ أبي بَرَاءٍ، والله لقد كُنتُ كارِهًا لهذا مُتَخوِّفًا". وبلغ أبا براء فشق عليه إخفارُ عامرٍ إياه وما أصاب أصحابَ رسول الله بسببه وجواره (١).

فقال حسان بن ثابت يحرض بني أبي براء على عامر بن الطفيل (٢): [من الوافر]

بني أُمِّ البَنين أَلَم يَرُعْكُم … وأَنْتُم مِن ذَوائبِ أَهلِ نَجدِ

تَهكُّمُ عامرٍ بأَبي براءٍ … ليُخفِرَه وما خَطأٌ كَعَمْدِ

أَبُوكَ أَبو الحُرُوبِ أَبو براءٍ … وخالُكَ ماجِدٌ حَكَمُ بن سعدِ

وقال كعب بن مالك (٣): [من الوافر]

لَقَد طارَتْ شَعاعًا كلَّ وَجهٍ … خِفارةُ ما أَجَازَ أَبو بَراءِ

بَني أُمِّ البنين أَما سَمعتُم … دُعاءَ المستَغيثِ معَ المساءِ

وتنويه الصَّريخِ بلَى ولكنْ … عَرَفتُم أَنَّه صَدقُ اللِّقاءِ

قال: فلما بلغ ربيعةَ بنَ أبي بَراءٍ قولُ حسانَ وكعبٍ، حمل على عامر بن الطفيل فطعنه، فخرَّ عن فرسه فقال: هذا عمل أبي براء، إن مت فدمي لعمي لا يُتَّبعُ به، وإن أعش فسارى فيه رأيي (٤).

وقال أنس بن مالك: فأنزل الله في شهداء بئر معونة قرآنًا: (بلغوا عنا قومنا أنا قد لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه) ثم نسخت بعد ما قرأناها زمانًا، فأنزل الله تعالى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ١٦٩] الآية (٥). هذا كلام الثعلبي.

ولما أطلقوا عمرو بن أمية الضمري، خرج قاصدًا إلى المدينة، حتى إذا كان بالقَرْقَرة من صدر قناة، أقبل رجلان من بني عامر فنزلا تحت شجرة وناما وكان معهما عَقْدٌ وجِوارٌ من رسول الله لم يعلم به عمرو، وكان قد سألهما: من أنتما؟ فقالا:


(١) النقل عن "السيرة" ٢/ ١٨٣ - ١٨٤.
(٢) انظر "تاريخ الطبري" ٢/ ٥٤٨، والسيرة ٢/ ١٨٧.
(٣) انظر "تاريخ الطبري" ٢/ ٥٤٨ - ٥٤٩.
(٤) "تاريخ الطبري" ٢/ ٥٤٩.
(٥) أخرجه البخاري (٢٨١٤)، ومسلم (٦٧٧) ولم يذكر الآية الناسخة، وانظر "تاريخ الطبري" ٢/ ٥٥٠.