للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المدينة ولم يلق كَيدًا.

وفي هذه الغزاة وادع رسول الله عُيَيْنةَ بنَ حِصْن الفَزاري على أن يكفَّ عنه ويرعى بتَغْلَمَيْن إلى المَراضِ من أرض الحجاز، وذلك لأن بلادَ عُيَيْنة أجدبت، وأخصبت تغلَمَيْنِ والمَراضُ لسحابةٍ وقعت فيها، فوادعه على أن يرعى هناك.

وفيها: قدم وفد مُزَيْنَة (١) في رجب في أربع مئة، فجعل رسول الله لهم الهجرة في دارهم، وقال: "أَنتُم مُهاجِرُونَ حيثُ ما كُنتُم" (٢). فأسلموا ورجعوا إلى بلادهم.

وأجدبت مكة في هذه السنة، فبعث إليهم رسول الله مالًا فقبلوه (٣).

وفيها: كانت غزاة المُرَيْسِيع (٤)، ويقال لها: غزاة بني المُصطَلِق، في شعبان، وكان الحارث بن أبي ضِرار سيدُ بني المصطلق قد جمع لحرب رسول الله ، وبعث رسول الله بُرَيْدة بنَ الحُصَيْبِ الأسلمي ليَعْلم له خبر القوم، فأتاهم فلقي الحارث، ورجع إلى رسول الله فأخبَره، فخرج من المدينة لليلتين خلتا من شعبان في المهاجرين والأنصار وكثيرٍ من المنافقين فيهم عبد الله بن أبي، واستخلف على المدينة زيد بن حارثة (٥) وكان معه ثلاثون فرسًا، وبلغ الحارثَ فخاف، وتفرق عنه من كان معه من الأعراب.

وانتهى رسول الله إلى المُريسيع ومعه عائشة وأم سلمة ، وكان تحته فرسُه


(١) انظر "الطبقات الكبرى" ١/ ٢٥٢، و"المنتظم" ٣/ ٢١٧، و"البداية والنهاية" ٥/ ٤١.
(٢) أخرجه ابن سعد في "الطبقات" ١/ ٢٥٢ وورد الحديث في قصة أخرى عن سلمة بن الأكوع قال: إني سمعت رسول الله يقول: "ابدوا يا أسلم، فتنسموا الرياح، واسكنوا الشعاب" فقالوا: إنا نخاف يا رسول الله أن يضرنا ذلك في هجرتنا قال: "أنتم مهاجرون حيث كنتم". أخرجه أحمد (١٦٥٥٣).
(٣) انظر "المنتظم" ٣/ ٢١٦.
(٤) اختلف في زمن هذه الغزوة، فذكرها الواقدي في "المغازي" ١/ ٤٠٤، وابن سعد في "الطبقات" ٢/ ٥٩، والبلاذري في "أنساب الأشراف" ١/ ٤٠٧، وابن الجوزي في "المنتظم" ٣/ ٢١٨ في السنة الخامسة، ورجحه في "الفتح" ٧/ ٤٣٠.
وذكرها ابن إسحاق "السيرة" ٢/ ٢٨٩، والطبري في "تاريخه" ٢/ ٦٠٤، وابن كثير في "البداية والنهاية" ٤/ ١٥٦ في سنة ست، وانظر "فتح الباري" ٧/ ٤٣٠.
(٥) ويقال: استعمل عليها أبا ذر الغفاري، انظر "السيرة" ٢/ ٢٨٩.