للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي هذه الغزاة قتل رجلٌ من رهطِ سَعْدِ بن عُبادةَ هشامَ بنَ صُبابة من بني عامر خطأً، لأنَّه ظنَّه من المشركين، فلما قدم رسول الله المدينة، قدم أخوه مِقْيَسُ بنُ صُبابةَ من مكة، فدخل على رسول الله وقال: يا رسول الله، جئتك مُسْلِمًا وأريد دِيَةَ أخي، فأمر له بِدِيَتِهِ، وأقام بالمدينة أيامًا، ثم عدا على قاتل أخيه فقتله، ثم خرج إلى مكة مرتدًا وقال (١): [من الطويل]

شَفَى النَّفسَ أن قد بات بالقاعِ مُسنَدًا … تُضَرَّجُ ثَوْبَيْهِ دِماءُ الأَخادعِ

وكانت همومُ النفس من قبل قتلهِ … تُلِمُّ فتَحْميني وِطاءَ المضاجعِ

حَلَلْتُ به وِتْري وأدركت ثُؤرَتي … وكنت إلى الأوثانِ أَوَّلَ راجع

وبلغ رسولَ الله قوله، فأهدرَ دمَه، وقُتِل يوم الفتح لِما نذكر.

* * *

وفي هذه الغزاة كان حديث الإفك، وحديثه في "الصحيحين" (٢).

قال الإِمام أحمد بن حنبل : حدثنا عبد الرزاق، حدثنا مَعْمر، عن الزُّهري، قال: أخبرني سعيد بن المسيَّب وعروةُ بن الزبير وعلقمةُ بن أَبي وقَّاص وعبيدُ الله بن عبد الله بن عُتْبةَ بن مسعود عن حديث عائشة حين قال لها أهلُ الإفْكِ ما قالوا فبرَّأَها الله تعالى ممّا قالوا، قال الزهري: كلُّهم قد حدَّثني بطائفةٍ من حديثها، وبعضُهم


(١) انظر "السيرة" ٢/ ٢٩٣.
(٢) وفي هذه الغزوة نزلت آية التيمم وقيل في غير هذه الغزوة، أخرج البخاري (٣٣٤)، ومسلم (٣٦٧) عن عائشة قالت: خرجنا مع رسول الله في بعض أسفاره حتى إذا كنا بالبيداء - أو بذات الجيش - انقطع عقد لي، فأقام رسول الله على التماسه، وأقام الناسُ معه وليسوا على ماء، فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق فقالوا: ألا ترى إلى ما صنعت عائشة أقامت رسول الله والناس وليسوا على ماء، وليس معهم ماء، فجاء أبو بكر ورسول الله واضع رأسه على فخذي قد نام، فقال: حبست رسول الله والناس ليسوا على ماء ليس معهم ماء، فقالت عائشة: فعاتبني أبو بكر وقال ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعنني بيده في خاصرتي فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله على فخذي، فقام رسول الله حين أصبح على غير ماء، فأنزل الله آية التيمم، فتيمموا، فقال أسيد بن حضير: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر، قالت: فبعثنا البعير الذي كنت عليه، فاصبنا العقد تحته.
وانظر الاختلاف في وقت نزول التيمم في "فتح الباري" ١/ ٤٣٤.