للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والفؤوسُ للعمل، فلم يشعروا برسولِ الله إلا وقد نزلَ بساحتهم فقالوا: محمدُ والخميسُ، فولَّوْا هاربين إلى حصونهم، ورسول الله يقول: "اللهُ أكبر خَرِبَتْ خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قومٍ فساءَ صباحُ المنذَرِين" (١). قال الواقدي: فقاتلهم رسولُ الله قتالًا شديدًا، وقُتِلَ من أصحابه جماعة (٢).

وأَوَّلُ حصنٍ افتتحه حصنُ ناعم، وعنده قُتِل محمود بن مَسْلَمة، ألقت عليه امرأةٌ رحًى فقتلته، ثم فتح حِصْنًا حِصْنًا، فلما رأوا ذلك التجؤوا إلى نطاةَ والوَطيح والسَّلالم (٣).

حديث مَرْحَب:

واختلفوا في قاتله، فروى الإمام أحمد يرفعه إلى بُرَيْدَة قال: حاصرنا خيبر، وأخذ أبو بكرٍ اللواءَ فلم يُفْتح له، ثم أخذه عُمَرُ فَلم يُفْتَحْ له، فقال رسول الله : "إِنِّي دافعٌ اللِّواءَ غَدًا إلى رَجُلٍ يُحِبُّه اللهُ ورَسولُه [ويُحبُّ اللهَ ورَسُولَه] لا يَرجعُ حتى يُفْتَح له، أو على يَديه". قال: فَبقينا طيِّبةً نفوسُنا أن الفتح غَدًا، فلما صلى الفَجر قام فدعا باللِّواء، والناسُ على مصافِّهم، ودعا عليًا، فقال له: "اذهبْ فانزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام" فأخذ اللواء فبرز إليه مرحب وهو يقول: [من الرجز]

قد عَلِمَتْ خيبرُ أني مَرْحَبُ … شاكي السِّلاحِ بَطَلٌ مُجرَّبُ

أَطْعَنُ أحيانًا وحينا أَضْرِبُ … إذا الليوثُ أقبلت تلهَّبُ

ثم قال: هل من مبارز؟ فقال علي:

أنا الذي سمَّتْني أمي حَيْدَرَهْ … كليثِ غاباتٍ كريه المنظَرَهْ

عَبْلُ الذراعين شديدُ القَسْورهْ … أَضْرِبُ بالسيفِ رقابَ الكَفَرَهْ

ثم ضرب رأس مَرْحَبٍ بالسيف فقتله، وجاء برأسه إلى رسول الله فَسُرَّ به ودعا له (٤).

وحكى الطبري عن بُرَيْدةَ قال: كان رسولُ الله ربما أخذتْه الشَّقيقةُ فلم يخرجْ


(١) أخرجه البخاري (٤١٩٨)، ومسلم (١٨٠١) (١٢٠). وانظر "السيرة" ٢/ ٣٢٩ - ٣٣٠.
(٢) انظر "الطبقات" ٢/ ١٠١.
(٣) انظر "المغازي" ٢/ ٦٤٥.
(٤) الحديث بهذا السياق ليس عند أحمد، وحديث بريدة عند أحمد (٢٢٩٩٣) إلى قوله: فدعا عليًا، وفيه أنه كان =