للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي أنا عليه، وغِمْدُ السيف الذي ليس فيه شيء معلَّقٌ بقَتَبِ بعيرها، فلما قلت لها ذلك قالت: دونَكَ هذا الغمد فشِمْهُ فيه إن كنت صادقًا، فأخذته فشِمْتُه فطبَّقته، فلما رأت ذلك بكت، وقدمنا على رسولِ الله فأعطاني من ذلك النَّعم الذي قَدِمْنا به (١).

وقال الواقدي: كان عبد الله بن أبي حدرد قد تزوج امرأة، فاستعان برسولِ الله في مهرها، فقال: "كَم مَهْرُها"؟ قال: أصدَقْتُها مئتي درهم، فقال: "سُبحان اللهِ، لو كُنتُم تأخُذُونَ الدَّراهِمَ مِن بَطن وادٍ ما زِدْتُم على هذا، ما عِندِي ما أُعطِيكَ" فأقمتُ أيامًا وأقبل قيس بن رِفاعةَ الجُشَمي في جيش كثيفٍ فنزل الغابةَ يريد أن يجمع النَّاسَ على حَرْبِ رسولِ الله ، فدعاني رسولُ الله ورجلين من المسلمين وقال: "اخرُجُوا إلى هذا الرجُلِ، وأتُوني بخَبرِه" وأعطانا شارِفًا عجفاءَ فحملنا عليها أحدَنا فما قامت حتَّى دعمها الرجالُ من خلفها وقال: "تبلَّغُوا علَيها واعتَقِبُوها"، قال: فخرجنا إلى الحاضِرِ عشيّةً مع غُروبِ الشَّمس، وكمنْتُ في ناحية وكمن صاحباي في ناحية، وقلت لهما: إذا سمعتماني قد كبَّرتُ فكبَّروا وشدوا معي على القوم، ثم كبَّرتُ وكبَّرا وشددنا عليهم، وكان لهم راعٍ فأبطأ عليهم، وكان قيسُ بن رِفاعةَ قد خَرجَ في طلبه بنفسه، قال عبد الله: ومرّ بي فرميتُه بسَهْم فوقع في فؤاده فمات وسيفه في عنقه، فوثبت إليه فقطعت رأسه، ثم شددنا على القوم فصاحوا: النَّجاءَ النَّجاءَ، واستَقْنا إبلًا كثيرة وغَنِمنا وجئنا بها إلى رسول الله ، فوضَعْتُ رأس قيس بين يديه فدعا لي وأعانني بثلاثة عشر بعيرًا، فسقت مهر امرأتي من بعضها (٢).

وفيها: كانت سرية أبي قتادة الأنصاري إلى بَطْنِ إِضَم (٣)، جبل بينه وبين المدينة ثلاثةُ بُرُدٍ، وكان في السَّرية مُحَلَّمُ بنُ جَثَّامة اللَّيثي وعبدُ الله بن أبي حَدْرَد المذكورُ آنِفًا.

قال عبد الله: فلقينا عامِرَ بنَ الأَضْبط الأشْجعي على قَعودٍ، فسلَّم بتحية الإسلام فأمسكنا عنه، وحمل عليه مُحَلَّم بنُ جَثّامةَ فقتله لشيء كان في نفسه وأَخذ بعيره وسَلَبه،


(١) أخرجه أحمد في "مسنده" (٢٣٨٨٢).
(٢) "المغازي" ٢/ ٧٧٧ - ٧٨٠.
(٣) "الطبقات" ٢/ ١٢٣، و"تاريخ الطبري" ٣/ ٣٥، و"المنتظم" ٣/ ٣٢٣، وفي "السيرة" ٢/ ٦٢٦ غزوة ابن أبي حدرد.