للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها: كانت سَرِيَّةُ أبي قَتادَةَ الأنصاري إلى خَضِرةَ (١)، وهي أرض مُحارب بنجد، في شعبان، بعثه رسولُ الله في ستة عشر رجلًا، فشنُّوا الغارة على غَطَفان، وقتلوا أَشْرافهم، وساقوا مئتي بعير وألفي شاة وأربعَ نِسْوَة.

وقيل: كان أميرُ هذه السَّرِيَّةِ عبدَ الله بنَ أبي حَدْرَد الأسلمي، وهو وَهْم؛ لأن سرية ابن أبي حَدْرَد إلى قيس بن رفاعة الجشمي في شعبان.

هذا ذكرُ سرية عبد الله بن أبي حَدْرَد:

قال الإمام أحمد رحمة الله عليه: حدَّثنا يعقوب، عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر، عن عبد الواحد (٢) بن أبي عون، عن جدته، عن عبد الله بن أبي حَدْرَد الأسلمي أنَّه ذكر أنَّه تزوج امرأة، فأتى رسول الله يستعينه في صَداقِها، فقال: "كَم أَصْدَقتَها؟ " قال: مئتي درهم، قال: "لو كُنتُم تَغْرِفُونَ الدَّراهِمَ من وَادِيكُم هذا ما زِدْتم، ما عِندي ما أُعطيكَ" قال: فمكثتُ، فدعاني رسول الله فبعثني في سريَّة نحو نجد وقال: "لَعَلَّك أَنْ تُصيبَ شيئًا فأُنَفَّلَكَهُ".

قال: فخرجنا حتى جئنا الحاضِرَ مُمْسينَ، فلما ذهبت فَحمةُ العِشاء، بَعَثَنا أميرُنا رَجُلَيْنِ رَجُلَيْنِ فأَحطنَا بالعسكر، وقال: إذا كَبَّرْتُ وحَمَلْتُ فكبَّروا واحمِلُوا، قال: وسمعت رجلا منهم يصيح: يا خَضِرةُ، فتفاءلتُ بأَنا سنُصيبُ منهم خَضِرة، فلما أغْنَمنا كبَّر أميرُنا وحمل، فكبَّرنا وحملنا، وكلُّ اثنين مِنَّا في ناحيةٍ، قال: فمر بي رجل في يده سيف فاتَّبعته، فقال لي صاحبي: إن أميرنا عهد إلينا أن لا نُمْعِنَ في الطَّلبِ، فقلت: والله لأَتْبَعَنَّهُ، فتبعته ورميته بسهم على جُرَيْداءِ مَتْنِه فوقع، وقال: اُدْنُ يا مُسلمُ إلى الجنة، فلم أَدْنُ إليه ورميته بسَهْم آخرَ فأثخنتُه فرماني بالسيف فأخطأني، وأخذت السيف فقتلته به واحتززتُ به رأسه، وشددنا عليهم فأخذنا نَعمًا كثيرًا وغَنِمْنا وانصرفنا، فأصبحت فإذا بعيري مقطورٌ ببعير عليه امرأةٌ شابَّةٌ جميلةٌ، فجعلَتْ تلتفتُ إلى خلفها وتكثرُ الالتفات، فقلتُ لها: إلى أيَنَ تلتفتينَ؟ فقالت: إلى رجل لو كان حيًّا لخالَطَكُم، قال: وظننت أنَّه صاحبي، فقلت: والله قد قَتَلْتُه وهذا سيفه، وهو معلَّق في قَتَبِ البعير


(١) "المغازي" ٢/ ٧٧٧، و"الطبقات" ٢/ ١٢٣، و"تاريخ الطبري" ٣/ ٣٤، و"المنتظم" ٣/ ٣٢٣.
(٢) في النسخ: "عبد الله" والمثبت من أحمد.