للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرفعه على يده ليريه الناس فأفطر حتى قدم مكّة، وذلك في رمضان، وكان ابن عباس يقول: قد صام رسول الله وأفطر، فمن شاء صام ومن شاء أفطر (١).

وأخرجه الحميدي وفيه: خرج رسولُ الله من المدينة في عشرة آلاف وذلك على رأس ثماني سنين ونصف من هجرته أو من مقدمه المدينة، فسار بمن معه من المسلمين إلى مكّة يصوم ويصومون حتى بلغ الكَديد، وهو ما بين عُسْفانَ وقُدَيْد أفطر وأفطروا، فلم يزل مفطرًا حتى انسلخ الشهر فصبَّح رسول الله مكّة لثلاث عشرة مضت من رمضان (٢).

ولمسلم: عن جابر قال: لما بلغ رسول الله كُراعَ الغَميم وصام الناس، قيل له: قد شق على الناس، فدعا بقدح من ماء بعد العصر فشرب والناس ينظرون إليه، فأفطر بعضهم وصام البعض، وبلغ رسول الله فقال: "أُولئكَ العُصاةُ" (٣).

قال الواقدي: ولما كانتِ الليلةُ التي نزل بها رسول الله مَرَّ الظهران خرج أبو سفيان بن حرب وحكيمُ بن حزام وبُدَيْلُ بن ورقاء الخزاعي - وكان نازلًا بمكة - يتجسَّسون الأخبار، فقال العباس : واسوءَ صباحاه، والله لئن بَغَت ابن أخي قريشًا في دارها ودخل مكّة عَنْوَةً إنه لَهلاكُ [قريشٍ] آخرَ الدهر، قال: فجلست على بغلةِ رسول الله البيضاء وقلت: أَخْرُجُ إلى الأَراك لعلي أرى حطَّابًا أو صاحبَ لبن يدخل مكّة فيخبرهم بمكانِ رسول الله فيأتونه فيأخذون منه أمانًا.

قال العباس: فوالله إنِّي لأطوف في الأَراك إذ سمعت صوتَ أبي سفيان وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء، وأبو سفيان يقول: والله ما رأيت نيرانًا مثل هذه، فقال بُدَيْلٌ: هذه نيرانُ خُزاعةَ، وكانوا قد أوقدوا في تلك الليلة عشرة آلاف نار، فقال أبو سفيان: خزاعة أقلُّ من ذلك وأذلُّ، قال العباس: فناديته: أبا سفيان، فَعرف صوتي فقال: أبو الفضل؟ قلت: نعم، فقال: لبيك، فداك أبي وأمي ما وراءك؟ قلت: هذا رسول الله قد دَلَفَ إليكم في عشرةِ آلافٍ من المسلمين ولا قِبَلَ لكم به، وقلت: اركب على


(١) أخرجه البخاري (١٩٤٨)، ومسلم بعد (١١١٣).
(٢) "الجمع بين الصحيحين" (٩٧٨)، وأخرجه البخاري (٤٢٧٥) و (٤٢٧٦).
(٣) مسلم (١١١٤).