للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدها: إلى علي رضوان الله عليه وقد ذكرناه.

والثاني: إلى الزبير .

والثالث: إلى قيس بن سعد بن عبادة.

قال ابن الكلبي: قال رسول الله لقيس: "اذهب إلى أبيك فخذ منه الراية" فجاء قيس إلى أبيه فقال: ادفع إليّ الراية فامتنع وقال: لا أسلمها إلَّا بأمارة، فعاد قيس إلى رسول الله فأخبره فدفع إليه عمامته فعرفها سعد فدفع إليه الراية (١). قال الكلبي: فأحب رسول الله أن لا يخيب قصد المرأة ولا يشق على سعد فدفع الراية إلى ابنه.

وقال الواقدي: أمر رسول الله خالدًا أن يدخل من الليط أَسفل [مكة وفيها أسلم وسليم] (٢) وغفار وجهينة ومزينة، وكان خالد على المجنِّبة اليُمنى، والزبير على اليسرى، ودخل رسول الله من أَذاخِرَ فنزل بأعلى مكّة وضربت له قبة هناك.

وكان صفوان بن أمية، وعكرمةُ بن أبي جهل، وسُهيل بن عمرو، وأوباش قريش والعبيدُ قد اجتمعوا بالخَنْدَمَة ليُقاتلوا رسول الله وكان خالد في مقابلتهم فانهزموا، وكان حِماسُ بن قيس بن خالد البكري قَبْلَ مَقْدَمِ رسولِ الله يَريشُ نَبْلاً له ويُصْلِحُه، فقالت له امرأته: لمن تصنع هذا؟ فقال: لمحمد وأصحابه، فقالت: والله ما أرى شيئًا يقوم لِمُحمدٍ، فقال: والله إني لأرجو أن أُخْدِمَكِ بعض أصحابه، ثم قال:

إن يُقبلوا اليوم فمالي عِلّهْ … هذا سلاح كاملٌ وأَلَّهْ

ثم شهد الخندمة، وأقبل منهزمًا حتَّى أتى بيته، فدخل فقالت له زوجته: أين الخادم الذي وعدتني به ما زلت منتظرتك منذ اليوم؟ فقال: دعي عنك هذا، أَغْلقي بابي فمن أغلق بابه فهو آمن، فقالت: ويحك، أَلم أَنْهَكَ عن قتالِ محمدٍ؟ فقال: [من الرجز]

إنك لو شهدتِ يوم الخَندمهْ

إذ فَرَّ صَفْوان وفَر عِكْرِمهْ

وأبو يزيد قائمٌ كالموتَمَهْ


(١) انظر "المغازي" ٢/ ٨٢٢.
(٢) ما بين معقوفين زيادة لإيضاح النص، انظر "السيرة" ٢/ ٤٠٧، و"تاريخ الطبري" ٣/ ٥٧.