للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستقبلتهم بالسيوفِ المسلمهْ

يَقْطعْنَ كلَّ ساعدٍ وجُمجمهْ

ضربًا فلا تَسْمَعُ إلَّا غمغمَهْ (١)

لهم نَهِيتٌ خلفنا وهَمْهَمَهْ

لم تنطقي في اللوم أَدنى كلمهْ (٢)

قال هشام: دَخل رسول الله يوم الفتح، وأُسَيد بن حُضير رضوان الله عليه في كتيبته الخضراء، على ناقته القصواء، وكان نهى عن القتال، فرأى بارقة السيوف فأرسل إلى خالدٍ وقال: أَلم أنْهَكَ عن السيفِ؟ فقال: ما وقع في أُذني إلَّا ضَعِ السيفَ، إنهم قاتلوني فقاتلتهم، فقال رسول الله : أَمر الله خيرٌ.

قال الواقدي: قُتِل من المشركين بالخَنْدَمةِ أَربعةٌ وعشرون من قريش، وأَربعةٌ من هُذَيْل، واستُشهد من المسلمين ثلاثةٌ: كُرْزُ بن جابر بن حُسَيْل أَبو عبد الرحمن الفِهري، وأُمه أسماء بنت مالك فِهريَّةٌ، وهو من الطبقة الثالثةِ من المهاجرين، وهو الذي أَغار على سَرْحِ المدينةِ وأَخذ لقاح رسول الله في السنة الثانيةِ من الهجرة، ثم منَّ الله عليه بالإسلام في السَّنةِ الثَّانية أيضًا، وشهدَ الحديبيةَ وخيبر (٣).

وعن أبي هريرة قال: أَقبل رسولُ الله يوم الفتح فدخل مكَّةَ، وبعث الزُّبير على إحدى المجنَّبتين، وبعث خالدًا على المجنَّبةِ الأُخرى، وبعثَ أَبا عبيدةَ على الحُسَّرِ، فأَخذوا بطن الوادي، ورسولُ الله في كتيبةٍ، وقد وبَّشَت قريشٌ أَوباشَها وقالوا: نُقَدِّمُ هؤلاءِ، فإن كان لهم شيءٌ، كُنّا معهم وإن أُصيبوا، أَعطينا الذي سُئِلنا.

قال أبو هريرة: ففطن رسول الله فقال لي: "اهتِفْ بالأَنصارِ" فهتفتُ بهم فجاءوا فأَطافوا برسول الله فقال: "أَلا تَرَوْنَ إِلى أَوْباشِ قُريشٍ وأَتْباعهم"؟ ثم قال


(١) الغمغمة: أصوات الأبطال في الحرب.
(٢) النهيت: صوت في الصدر. والهمهمة: صوت في الصدر أيضًا. وانظر الخبر في "المغازي" ٢/ ٨٢٧، و"تاريخ الطبري" ٣/ ٥٧ - ٥٨، وانظر "السيرة" ٢/ ٤٠٨.
(٣) انظر "الطبقات" ٥/ ٩٧ - ٩٨. وعند الواقدي في "المغازي" ٢/ ٨٢٨: أنهما رجلان، والثاني هو: خالد الأشعر، ويقال: حبيش بن خالد الأشعر. انظر "الطبقات" ٥/ ١٩٧ - ١٩٨.