للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال بُدَيْل بن أَصْرَم يرد على أنس (١): [من الطَّويل]

بكى أنسٌ رَزْنَاً فأعوزه البُكا … وأشفق لَمَّا أوقَد الحربَ مُوقِدُ

ويبكي على سلمى وكلثومَ بعدَه … سقاهم بكأس الموت قيسٌ ومَعْبَدُ

* * *

وأمَّا الحارث بن نقيد (٢) بن وهب بن عبد بن قصي بن كلاب، ويقال له: الحويرث، كان شديدًا على رسولِ الله يهجوه ويهجو أصحابه ويؤذيه، فلقيه علي يوم الفتح فقتله كافرًا (٣).

وكان له ولد اسمه جبير بن الحارث من التابعين، قال الواقدي: أدرك رسول الله ولم يرو عنه شيئًا. وقال ابن عبد البر: في صحبته نَظَر (٤). وذكره ابن سعد في الطبقة الثانية من تابعي أهل المدينة، روى عن أبي بكر وعمر رضوان الله عليهما وغيرهما، وروى عنه عروة بن الزبير وابن المسيب وغيرهما، شهد اليرموك، فسمع صائحًا يصيح: يا خيل الله اركبي، يا معاشر المسلمين هذا يوم من أيام الله تعالى قاتلوا فيه بلا حياء. قال: فتأملتُه فإذا به أبو سفيان بن حرب تحت راية ابنه يزيد.

* * *

وأمَّا صفوان بن أمية فهرب يوم الفتح حتى أتى الشُّعَيْبَةَ ومعه غلامه يَسار فقال له: ويحك انظر من تَرى، فنظر فقال: هذا عمير بن وهب، فقال صفوان: ما أصنع بعمير، والله ما جاء إلا يريد قتلي، قد ظاهر محمدًا فلحقه، فقال: يا عمير ما كفاك ما صنعت


(١) لم نقف على هذين البيتين بهذه الرواية في المصادر، ورواية "السيرة" ٢/ ٤٢٥:
بكى أنس رزنًا فأعوله البكا … فألَّا عديًا إذ تُطَلُّ وتُبعَدُ
بكيتَ أبا عبس لقرب دمائها … فتُعذِرَ إذ لا يوقد الحرب مُوقد
أصابهم يوم الخنادم فتية … كرامٌ فَسَل منهم نفيل ومعبد
هنالك إن تسفح دموعك لا تلم … عليهم وإن لم تدمع العين فاكمدوا
(٢) في النسخ: "معبد" والمثبت من "الطبقات" ٧/ ٥ في ترجمة ابنه جبير.
(٣) انظر "المغازي" ٢/ ٨٥٧، و"أنساب الأشراف" ١/ ٤٣١.
(٤) "الاستيعاب" بهامش الإصابة ١/ ٢٣٢.