للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بي؛ حمَّلْتني دَيْنَكَ وعيالَكَ وجئت تريدُ قتلي، فقال: أبا وهب، جُعِلْتُ فِداكَ جئتك من عندِ أَبرِّ النَّاس وأوصلِ الناس وقد أَمَّنَك، فقال: والله لا أرجع معك حتَّى تأتيني بعلامةٍ أَعْرِفُها، فرجع وقال: يا رسول الله قال كذا وكذا، فقال: "خذ عِمامتي" وهي البُرْدَةُ التي دخل بها رسولُ الله يوم الفتح مُعْتَجِرًا بها، فعاد بها إليه فجاء معه فوافى النَّبي وهو يُصلِّي العصرَ، فوقف حتَّى سلَّم وناداه: يا محمد إن هذا جاء ببردك وزعم أنك أَمَّنْتَني فقال: "نعم أَبا وهب"، فأقام مع رسول الله على حاله حتَّى خرج معه إلى هَوازن وهو كافِرٌ.

وأرسل إليه رسول الله يستعير سلاحًا، فقال: أطَوْعًا أو كُرْهًا؟ قال: "بل عارِيَّة مؤداة" فأعاره مئة دِرْعٍ وسلاحًا وحمله إلى حنين وشهد حنَيْنًا والطائِفَ وهو على شركه، ثم رجع إلى الجِعْرانة، فبينما رسول الله يسير في الغنائم ينظر إليها وصفوان معه، فجعل ينظر إلى شِعْبٍ مُلئ نَعَمًا وشاءً ورِعاءً، فأدام النظر إليه ورسول الله يرمُقه فقال: "أبا وَهبٍ، يُعجبُكَ هذا الشِّعْبُ؟ " قال: نعم فقال رسول الله : "هُوَ لَكَ وما فِيهِ"، فقال صفوان عند ذلك: ما طابت نفسُ أحدٍ بمثل هذا إلا نفسُ نبي، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وأسلم مكانه (١).

وكانت تحته فاختةُ بنت الوليد بن المغيرة، فأسلمت قبله ففرَّقَ الإسلامُ بينهما، فلما أسلم رُدَّت عليه بالنِّكاح الأول (٢)، وقيل: بنكاحٍ جديد.

وأمَّا عبدُ الله بنُ خَطَل فقال أنس: دخل النَّبيُّ يومَ الفتح مكَّة وعلى رأسه المِغْفَرُ، فلما نزعه جاءه جبريل فقال: ابن خَطَل متعلق بأستار الكعبة، فقال: "اقْتُلُوه" فقتلوه (٣).

قال أبو بَرْزَةَ الأسلمي: أخرجتُه من بين أَستار الكعبةِ فضربت عنقه بين الركن والمقام، وهربت قَيْنتاه، فقُتِلَت إحداهما وعاشت الأخرى إلى زمن عثمان رضوان الله


(١) "المغازي" ٢/ ٨٥٣، و"الطبقات" ٦/ ١١١ - ١١٢، و"أنساب الأشراف" ١/ ٤٣٥، و"المنتظم" ٥/ ٣٣٢، و"تاريخ دمشق" ٢٤/ ١١٢، و"السيرة الشامية" ٥/ ٣٧٩ - ٣٨٠.
(٢) "الطبقات" ٦/ ١١١.
(٣) أخرجه البخاري (١٨٤٦)، ومسلم (١٣٥٧).