للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه، فكُسِرَ ضِلَعٌ من أضلاعها فماتت فقضى عثمان فيها بثمانية آلاف درهم، الستة آلاف دِيَتُها وألفين تعظيمًا لأَمْرِ الجنايةِ في الحرم (١).

* * *

وأمَّا عبد الله بن سعد بن أبي سرح فأمه مُهانةُ بنت جابر من الأشعريين، قدمت على رسولِ الله مسلمة، فأحسن إليها ووصلها، فعادت إلى مكة مرتدة تهجوه وتهجو المسلمين، فصادفها علي رضوان الله عليه يوم الفتح فقتلها (٢).

وعبد الله أخو عثمان رضوان الله عليه من الرَّضاعة، فلما كان يومُ الفتح جاء إليه وقال: أنت أخي من الرضاعة فكلِّمْ محمدًا فِيَّ، فإنَّه إن رآني قتلني، فإن ذنبي أعظم الذنوب. فلم يُرَعْ رسولُ اللهِ إلَّا وعثمانُ آخذٌ بيد عبد الله فقال: يا رسولَ الله، أخي من الرَّضاعة، فأعرض عنه، فردَّد عليه الكلام وأكبَّ عليه يقبِّلُ رأسَه ويقول: فداك أبي وأمي، قال: "نعم" وكان رجلٌ من الأنصار نذر أن يقتله وكان حاضِرًا، فقال له رسول الله : "هلَّا وَفَّيتَ بنَذرِكَ" فقال: انتظرتك أن تومئ إليَّ، فقال: "الإيماءُ خيانةٌ، ما كانَ لنبيًّ أَنْ يُومئَ" (٣).

* * *

وأما عكرمة بن أبي جهل فإنه هرب يوم الفتح، فاستأمنت له زوجته رسولَ الله فأمَّنَه، فخرجت في طلبه، وكان قد ركب البحر فهبَّ بهم فجعل النَّواتي يَدْعون الله ويُوَحِّدونَه فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا مكان لا ينفع فيه إلا الله تعالى، فقال: هذا إله محمد الذي يدعو إليه فأرجعوني، فرجع ثم جاء إلى رسول الله فوقف بين يديه ومعه امرأته فقال: إلامَ تدعو؟ فقال: إلى شهادة أن لا إله إلَّا الله وأني رسول الله، وأن تقيم الصَّلاة وتؤتي الزكاة … وعدَّ له خصال الإسلام. فقال عكرمة: والله ما دعوتَ إلَّا إلى


(١) "المغازي" ٢/ ٨٥٩ - ٨٦٠.
(٢) لم نقف في مصدر من المصادر أن عليًا قتل مهانة ولا أنها قتلت ولا أسلمت، وإنما ذكر البلاذري في "أنساب الأشراف" ١/ ٤٣٢ - ٤٣٣ أن الذي قتلها علي يوم الفتح هي سارة صاحبة كتاب حاطب، وذكر صاحب "السيرة الشامية" ٥/ ٣٤١ أنها أسلمت وعاشت إلى خلافة عمر بن الخطاب. والله أعلم.
(٣) "المغازي" ٢/ ٨٥٥ - ٨٥٦، و"الطبقات" ٦/ ١٣٠ - ١٣١.