للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحق. ثم أسلم، وردَّ عليه رسول الله ﷺ امرأته بالنكاح الأَول (١).

وأما مِقْيسُ بن صبابة فكان رسول الله ﷺ أهدر دمه، فلما كان يومُ الفتحِ شرب الخمرَ وأصبح مصطبحًا في ندامى له، فعلم بمكانه نُميلةُ بنُ عبد الله فأتاه فوجده يترنم: [من الوافر]

دَعيني أَصطَبِح بَكْرًا فَإنِّي … رَأيتُ الموتَ نقَّبَ عن هشامِ

ونَقَّب عن أَبيك أبي يزيدٍ … أَخي القَيْناتِ والشَّرْبِ الكِرامِ

بهم أَرسَت رَواسِيَ من ثَبيرٍ … ومن ثَوْرٍ ولم يُصْمم صَمامِ

تُغنيني الحمامُ كأنَّ رَهْطي … خُزاعةُ أو أناسٌ من جُذامِ

قال: فبادره نُميلةُ فضربه بالسيف حتى برد.

ويقال: إنه خرج وهو يتمثل بين الصفا والمروة، فرآه المسلمون فقتلوه (٢).

* * *

وأما وحشي فهرب إلى الطائف، ثم قدم على رسول الله ﷺ مُسْلِمًا (٣).

* * *

وأما هبَّار بن الأسود فكان رسول الله ﷺ أهدر دمه فهرب يوم الفتح.

قال جبير بن مطعم: كنت جالسًا معَ رسول الله ﷺ في مسجده بالمدينة منصرفه من الجِعِرَّانةِ فطلعَ هبَّارُ بن الأسود، فنظر إليه القوم وقالوا: هذا هبَّارٌ، فقال رسول الله ﷺ: "قَد رَأَيتُه"، وأراد بعض القوم أن يقوم إليه، فقال له رسول الله ﷺ: "اجْلِس" فوقف عليه هبار وقال: السلام عليك يا رسول الله، وذكر الشهادتين، ثم قال: لقد هربت منك في البلاد وأردت اللحاق بالأعاجم، ثم ذكرت عائدتك وفضلك وبرك وصفحك، واعتذر طويلًا فقال رسول الله ﷺ: "قد عَفوتُ عنك، وقد أحسنَ الله إليكَ إذ هَداكَ للإسلامِ، والإسلامُ يَجُبُّ ما قَبلهُ". وخرجت سلمى مولاةُ رسول الله ﷺ فقالت: لا أنعم


(١) "المغازي" ٢/ ٨٥١ - ٨٥٢، و"الطبقات" ٦/ ٨٥ - ٨٦.
(٢) "المغازي" ٢/ ٨٦٠ - ٨٦١. وفيه أنه خرج وهو ثمل فيما بين الصفا والمروة.
(٣) "المغازي" ٢/ ٨٦٢ - ٨٦٣.