للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كثيرة تجري إلى غير القبلة، لما نذكر.

ومتى بلغ ستة عشر ذراعًا استحق السلطانُ الخراجَ، وإذا بلغ ثمانيةَ عشر ذراعًا قالوا: يحدث بمصر وباء عظيم، وإذا بلغ عشرين ذراعًا مات ملك مصر، والله أعلم.

وبمصر تُرَع كثيرة منها ترعة سُنْباط، وترعة ذنب التمساح، وتُرَع في الصعيد، وخليج سردوس، وخليج ابن منجا، وخليج القاهرة، وخليج الفيوم، حفره يوسف زمان القحط، وإنما سمي الفيوم لأنَّ أصله ألف يوم، كانت كل قرية منه تقوم بأهل مصر يومًا، وذكر الجوهري الفيوم فقال: والفيوم من أرض مصر، قُتل بها مروان بن محمد آخر ملوك بني أمية (١). قلت: والصحيح أن مروان قتل ببُوصِير -لما نذكر (٢). وفيه خليج الإسكندرية وغيره.

وفي النيل عجائب، منها التمساح، قالوا: ولا يوجد إلا فيه وله أسامي، في مصر التمساح، وفي بلاد النُّوبة الوَرَل، ووراء النُّوبة الشوشمار.

وقال الجوهري: والتمساح دابة من دوابّ الماء معروف (٣).

وقال الجاحظ في كتاب "عجائب البلدان": إن مهران السند من نيل مصر، قال: لأن التمساح فيه.

قلت: وقد وهم الجاحظ، لأنَّ مهران السند يخرج من جبال المُوْلْتان، وهي في المشرق داخلة تحت خط الاستواء والاعتدال، والنيل يخرج من جبل القمر من ناحية الجنوب وهو خارج عن خط الاستواء، وبين مهران وبين الحبشة والنُّوبة البحر الشرقي، فكيف يكون منه؟! فإن وجد التمساح في مهران فقد وجد فيه كما يوجد في النيل.

قالوا: والتمساح لا دُبر له وما يأكله يتكوَّن في بطنه دودًا، فإذا آذاه ذلك خرج إلى البرية وفتح فاه فينقضُّ عليه طائر الماء كالطَّيطَوي ونحوها من أنواع الطيور ممن اعتاد


(١) "الصحاح": (فوم).
(٢) سيذكر الخبر المصنف في سنة (١٣٢ هـ).
(٣) "الصحاح": (مسح).