للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن الحارث، ويقال له: الأحمر بن الحارث (١)، وتجمعت كلها إلى هوازن، وكان مالك بن عوف قد مضى بنفسه إلى الطائف ودعاهم إلى قتال رسول الله فأجابوه، وخرج غيلان بن سلمة الثقفي ومعه ثقيف وعشرة من ولده على عشرة أفراس، ولم يحضرها من هوازن كعبٌ ولا كِلابٌ.

وحضرها دُرَيْدُ بن الصِّمَّةِ في بني جُشَم وهو ابن ستين أو سبعين ومئة سنة، شيخ كبير لا يراد منه إلا رأيُه ومعرفتُه بالحروبِ، وكان شيخًا مُجرّبًا قد ذهب بصره وأَمْرُ الناسِ يومئذ ثقيفٍ وغيرها إلى مالك بن عوف النَّصْري، وأمرَ الناسَ فجاؤوا بأموالهم ونسائهم وأهلهم فنزلوا بأَوْطاس وادٍ عند حُنَيْن فعسكروا به، والأمدادُ تأتيهم من كل ناحية.

وأمرُ جُشَم إلى درَيْد بن الصِّمَّةِ [بن بكر بن] (٢) علقمة بن خُزاعة بن غزية بن جشم ابن معاوية بن بكر، وقد جعلوه في شجارٍ مثل الهودج يقاد به على بعير، فلما نزل الناس (٣) لمس بيده الأرض وقال: بأي واد أنتم؟ قالوا: بأوْطاس، فقال: نعم [مجال الخيل، لا حَزْنٌ ضَرِس، ولا سهل دَهِسٌ، مالي] (٤) أسمع رُغاءَ البعير، ونُهاقَ الحمير، ويُعارَ الشاءِ، وخُوارَ البقر، وبكاء الصغير، قالوا: ساق مالكٌ مع الناس أولادَهم ونساءَهم وأموالهم، فقال: يا معاشر هوازن، أمعكم من بني كلاب أحد؟ قالوا: لا، قال: فمعكم من بني كعب بن ربيعة أحد؟ قالوا: لا، قال: فهل معكم من بني هلال بن عامر؟ قالوا: لا، فقال دريد: لو كان خيرًا ما سبقتوهم إليه، ولو كان ذِكْرًا وشرفًا ما تخلفوا، فأطيعوني وارجعوا وافْعلوا كما فعلوا، فأَبَوْا عليه، فقال: أين مالك؟ فدُعِيَ به فقال: يا مالك، إنك مقاتلٌ رجلًا كريمًا وأنت رأسُ قومِكَ، إن هذا اليوم كائن له ما بعده من الأيام، يا مالك مالي أسمع رُغاء البعير، ونهاق الحمير، وخوار البقر، ويعار


(١) في "السيرة" ٢/ ٤٣٧: وأخوه أحمر بن الحارث.
(٢) ما بين معقوفين زيادة من "تاريخ دمشق" ١٧/ ٢٣١.
(٣) في "المغازي": "الشيخ".
(٤) ما بين معقوفين زيادة من "السيرة" و"المغازي"، و"الحزن": المرتفع من الأرض، و"الضرس" الذي فيه حجارة محددة، و"دهس": لين كثير التراب.