للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَربعُ مئةٍ، وخَيرُ الجيوشِ أَربعةُ آلافٍ، ولا يُغلبُ اثنا عَشرَ ألفًا من قِلَّةٍ كَلمتُهُم واحدةٌ" (١).

وقال أبو واقد الليثي: خرجنا مع رسول الله إلى حُنين، وكان لكفارِ قريش ومَنْ سواهم شجرةٌ عظيمةٌ خضراءُ يقال لها: ذات أنواط، يأتونها في كل سنة يُعَلِّقون عليها أسلحتهم ويذبحون عندها ويعكفون عليها يومًا، فبينا نحن نسيرُ مع رسول الله أتينا شجرة عظيمة خضراء فقلنا: يا رسول الله اجعل لنا ذاتَ أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال: "اللهُ أَكبَرُ، قُلتُم والذي نَفسِي بيَدهِ كما قالَ قَومُ مُوسى ﴿اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾ [الأعراف: ١٣٨] لتَأخذُنَّ سَنَنَ مَن قَبلكم" (٢).

قال: وانتهى رسول الله إلى حنين مساء ليلة الثلاثاء، لعشر ليالٍ خَلَوْنَ من شوال (٣).

وقال أمية بن عبد الله بن عثمان بن عفان: بعث مالك بن عوف عيونًا ممن معه، فأتوه وقد تقطعت أوصالُهم فقال: ويلكم ما شأنكم؟ قالوا: رأينا رجالًا بيضًا على خَيْلٍ بُلْقٍ، فوالله ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى، فما ردَّه ذلك عن وجهه (٤).

ودعا رسول الله ابنَ أبي حَدْرَدٍ الأسلميَّ فقال له: انطلق فادخل في الناس حتى تأتيني بأخْبارِهم، فانتهى إلى خِباء مالك فسمعه وهو يقول لأصحابه: إن محمدًا لم يلق قط مثل المرة، وإنما لقي قومًا أغْمارًا لا عِلم لهم بالحرب فيظهر عليهم، فإذا كان في السحر فصفوا مواشيكم وأبناءكم ونساءكم من ورائكم، ثم اكسروا جفون سيوفكم واحملوا حملة رجل واحد، فإنكم تلقونه بعشرين ألف سيف.

وهذا يدل على أنهم كانوا عشرين ألفًا.

ورجع ابن أبي حَدْرَدٍ إلى رسول الله فأخْبَرهُ، فقال عمر: كذب ابن أبي حَدْرَدٍ، فقال ابن أبي حدرد: لئن كذَّبتني يا عمر، فلطالما كذَّبتَ بالحق، فقال عمر رضوان الله


(١) أخرجه أحمد في "مسنده" (٢٧١٨).
(٢) أخرجه أحمد في "مسنده" (٢١٨٩٧).
(٣) "المغازي" ٣/ ٨٩٢.
(٤) "المغازي" ٣/ ٨٩٢.