للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان من دعاء رسول الله لما انهزم الناس وبقي في المئة الصابرة: "اللهمَّ لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان" فقال له جبريل : لقد لُقِّنْتَ الكلماتِ التي لَقَّنَ اللهُ موسى يوم فلق البحر أمامه وفرعون خلفه (١).

ويقال: إن المئة الصابرة يومئذ ثلاثة وثلاثون من المهاجرين، وسبعة وستون من الأنصار.

وقصد أبو دجانة الرجلَ الذي كان على الجمل الأحمر وبيده رايةٌ سوداء على رمح طويل، وكان قد أكثر القتل في الناس، فعرقَبَ جَمَله وشدَّ عليه هو وعلي فقتلاه (٢).

وبلغت هزيمةُ المسلمين مكّة، ثم تراجعوا، فأسهم لهم رسول الله جميعًا، وجعلت أم سُليمٍ تقول: يا رسول الله أرأيت هؤلاء الذين فروا عنك وخذلوك، لا تعْفُ عنهم إذا أمكنك الله منهم، اقتلهم كما تقتل هؤلاء المشركين، فقال: "يا أم سُلَيْمٍ قد كفى الله" (٣).

ولقد قَتل أبو طلحة يومئذ عشرين بطلًا وسَلَبهم.

ولما حمل المسلمون على المشركين قتلوهم وأسرعوا إلى قَتْل الذُّريَّة [فبلغ ذلك رسول الله ، فقال: "ما بالُ أقوامٍ ذَهَب بهم القَتل حتى بَلغَ الذُّريّة] أَلا لا تُقْتَلُ الذُّريةُ" قالها ثلاثًا، فقال أُسيد بن حضير: أليس هم أولاد المشركين؟ فقال رسول الله : "أوَليسَ خيارُكُم أولادَ المُشرِكينَ، كلُّ نَسَمةٍ تُولَدُ على الفِطْرةِ، حتى يُعْرِبَ عنها لسَانُها، فأَبَواها يهوِّدَانها ويُنَصِّرانِها" (٤).

وقال جبير بن مُطْعِمٍ: لما تراءينا نحن والقوم رأينا سوادًا لم نر مثله قط، فأقبل مثل الظلمة السوداء من السماء حتى أظلمت علينا وعليهم وسدت الأفق، فنظرنا فإذا وادي حنين يسيل بنمل أسود مبثوث لم نشك أنه نصر أيَّدَنا الله به (٥).


(١) "المغازي" ٣/ ٩٠١.
(٢) "المغازي" ٣/ ٩٠٢.
(٣) "المغازي" ٣/ ٩٠٣ - ٩٠٤.
(٤) "المغازي" ٣/ ٩٠٤ - ٩٠٥، وما بين معقوفين زيادة منه، وأخرجه أحمد في "مسنده" (١٥٥٨٩) من حديث الأسود بن سريع.
(٥) "السيرة" ٢/ ٤٤٩، و"المغازي ٣/ ٩٠٥، و"دلائل النبوة" ٥/ ١٤٦.