للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسولُ الله : "مَنْ لِهؤلاءِ الذين فَعَلوا ما فَعَلوا"؟ فقال عيينةُ بن حِصن: أنا والله لهم، أتبع آثارهم وآتيك بهم إن شاء الله فترى فيهم رأيك أو يُسْلموا.

وخرج في خمسين فارسًا من العرب ليس منهم مُهاجريٌّ ولا أَنْصاريٌّ، وكان يكمن بالنَّهارِ ويسير بالليل، حتى انتهى إلى العَرج، فاقتصَّ آثارهم فوجدهم قد عدلوا من السُّقيا يريدون أرض بني سُليم، فنزلوا في صحراء وسرَّحوا مواشيهم والبيوت خُلوف ليس فيها إلا النِّساءُ ونفرٌ، فاخذ منهم أَحَدَ عَشَرَ رَجلًا وإحدى عشرة امرأة وثلاثين صبيًّا، وقَدِمَ بهم المدينةَ فحبسهم رسولُ الله في دار رملة بنت الحارث (١).

وفيها: قدم وفد تميم بهذا السبب وهم عشرة من رؤسائهم: عطارد بن حاجب بن زُرارة، والزِّبْرِقان بن بدر، وقيس بن عاصم، وقيس بن الحارث، وتميم (٢) بن سعد، وعمرو بن الأَهتَم، والأقرع بن حابس، ورياح بن الحارث بن مجاشع، فدخلوا المسجد قبل الظهر وسألوا عن سَبْيِهم فأُخبروا أنهم في دار رملة، فجاؤوهم فبكى الذراري والنساءُ، فرجعوا حتى دخلوا المسجد ورسولُ الله يومئذ في بيت عائشةَ رضوان الله عليها وقد أذَّن بلال الظُّهرَ والناس ينتظرون خروجَ رسول الله ، فتعجلوا خروجه، فنادَوْا: يا محمد، اخرج إلينا، فقال بلال: إن رسول الله يخرج الآن، وخرج رسولُ الله وأقام بلالٌ الصلاةَ فتعلقوا برسول الله يكلِّمونه ويقولون له: أتيناك بخطيبنا وشاعِرِنا فاستمع لهم، وصلّى رسول الله الظُّهْرَ، ثم دخل بيته فصلى ركعتين، ثم خرج فجلس، فقام عطارد بن حاجب فخطب وقال:

الحمد لله الذي له الفضل علينا، والذي جعلنا ملوكًا وأعطانا الأموال نفعل بها المعروف، وجعلنا أَعزَّ المَشْرِق وأكثرهم مالًا وعددًا، فمن مِثْلُنا في الناس، فمن فاخَرنا فَلْيُعَدِّدْ مثلَ ما عَدَّدْنا، ولو شئنا لأكثرنا من الكلام، ولكنا نستحي من الإكثار فيما أعطانا الله، أقول هذا إلا أن يأتي من يقولُ ما هو أفضل منا (٣).

فقال رسولُ الله لثابت بن قيس بن شمّاس: "قُم فأَجِبهُم" فقال: الحمد لله الذي


(١) "المغازي" ٣/ ٩٧٣ - ٩٧٥.
(٢) ذكره ابن حجر في "الإصابة" ١/ ١٨٥ وقال: كان في وفد تميم الذين قدموا وأسلموا، وذكره أيضًا ٣/ ٥٦٧ في نعيم وقال: ذكره ابن سعد فيمن قدم في وفد تميم.
(٣) انظر "السيرة" ٢/ ٥٦٢.