للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خلق السماواتِ والأرضَ، وقضى فيهما أمره، ووَسِعَ كلَّ شيءٍ علمُهُ، ثم كان فيما قدَّر لنا وأنعَم علينا أن اصطفى من خلقه رسولًا، أكرم الناس نَسبًا، وأشرفهم حسبًا، وأحسنهم زِيًّا، وأصدقهم حديثًا، أنزلَ عليه كتابَهُ، وجعله أمينًا على خلقه، وكان خِيرته من عباده، فدعا إلى الإيمان بالله، فآمن به المهاجرون من قومه، ثم كنا أول الناس إجابةً له، فنحن أنصارُ الله ورسولهِ، نقاتِلُ الناسَ حتى يقولوا: لا إله إلّا الله، فمن آمن بالله ورسوله مَنع منَّا دمَه وماله، ومن كفر بالله ورسولهِ جاهدناه وكان قتله علينا يسيرًا. أقول قولي هذا وأستغفر الله للمؤمنين والمؤمنات. ثم قَعَدَ.

فقالوا: يا رسولَ الله، ائذن لشاعِرنا، فأذن له، فقام الزبرقان بن بدر فقال: [من البسيط]

نحن الملوك فلاحيٌّ يعادِلُنا … فينا الملوك وفينا تُنْصَبُ البِيَعُ

وكم قَسَرْنا من الأحياءِ كُلِّهِمُ … عند النِّهاب وفَضلُ الخير يُتَّبَعُ

ونحن نُطعِمُ عند القَحْطِ ما أَكلُوا … من السَّديفِ إذا لم يُؤنَسِ القَزَعُ

وننحر الكُومَ عَبْطًا في أَرومتِنا … للنَّازلين إذا ما استُنْزِلوا شَبِعوا

ولا ترانا إلى حَيٍّ نُفَاخِرُهم … إلا استَعاذوا وكادَ الرأسُ يُقْتَطَعُ

فمَن يُفاخِرُنا في النَّاس نَفْخَرُهُ … فيَرجعُ القَولُ والأخْبَار تُسْتَمَعُ

فقال رسول الله لحسان: "يا حسانُ، أَجبْ" فقام قال: [من البسيط]

إنَّ الذَّوائبَ من فِهْرٍ وإخْوَتِهم … قد شرَّعوا سُنَّةً للناسِ تُتَّبَعُ

أكرِمْ بقومٍ، رسولُ الله شِيعتُهم … إذا تفرَّقتِ الأهواءُ والشِّيَعُ

وأَنَّهم أفْضَلُ الأحياءِ كُلِّهِم … إنْ جَدَّ بالناسِ جِدُّ القولِ أو شَمِعُوا

قومٌ إذا حاربوا رَدُّوا عَدُوَّهُمُ … أو حاوَلُوا النَّفْع في أشْياعِهم نَفَعوا

إن كان في الناس سَبَّاقون بَعدهُمُ … فكلُّ سَبْقٍ لأَدْنى سَبقهم تَبَعُ

أَهْدى لهم مِدَحًا قلبٌ يُؤازِرُهُ … فيما أحب لسان حائكٌ صَنَعُ

من أبيات (١).


(١) المغازي ٣/ ٩٧٧ - ٩٧٨، والسيرة ٢/ ٥٦٣ - ٥٦٤.