للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي أفراد البخاري، عن ابن عباس: أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي بشريك بن سَحماء، فقال رسول الله "البَيِّنةَ، أو حدٌّ في ظَهرِكَ" فقال: يا رسول الله، إذا رأى أحدنا على امرأته رجلًا ينطلق يلتمس البيِّنة؟! وجعل رسول الله يقول: "البَيِّنَةَ وإلا حدٌّ في ظَهرِكَ"، فقال هلال: والذي بعثك بالحق إني لصادق، وليُنزلنَّ الله ما يُبرِّئ ظهري من الحد، فأنزل الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ﴾ إلى قوله: ﴿إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [النور: ٦]. فأرسل النبي إليها، فجاءت، وقام هلال، فشهد، والنبي يقول: "اللهُ يَعلَم، إنَّ أَحدَكُما كاذِبٌ، فَهَل منكُما تائِبٌ؟ ". ثم قامت، فشهدت، فلما كان عند الخامسة، وقَّفوها، وقالوا: إنَّها موجبةٌ، قال ابن عباس: فتَلكَّأَت، ونَكَصت حتَّى ظنَّنا أنها ترجع، ثم قالت: لا أفضحُ قومي سائِرَ اليوم، فمضت، فقال رسول الله : "انظُروها، فإن جاءَت به أَكْحَل العينَينِ، سابغَ الألْيَتَين، خَدَلَّجَ السَّاقَين، فهو لشَريك بن سَحماء" فجاءت به كذلك، فقال رسول الله : "لَولا ما مَضَى مِن كِتابِ اللهِ لَكانَ لي ولَها شَأنٌ" (١).

* * *

وفيها: أسلم كعب بن زهير بن أبي سُلمى الشاعر (٢)، وكان خرج كعب وأخوه بُجَير (٣) بن زهير إلى أبرق العَزَّاف، وكان قريبًا من زرود، فقال بجير لأخيه: أقم أنت في النعم حتَّى آتي هذا الرجل، فأسمع كلامه، وأعرف ما عنده، فأقام كعب، ودخل بجير على رسول الله المدينة، فدعاه إلى الإسلام، فأسلم، وبلغ كعبًا، فقال: [من الطويل]

أَلَا أَبلِغا عنَّي بُجَيرًا رسالةً … على أيِّ أمرٍ دِنْتَ غيرك دلكا

على خُلُق لم تُلفِ أُمًّا ولا أبا … عليهِ ولم تُدرك عليه أَخًا لكَا

سقاك أبو بكر بكأسٍ رويَّةٍ … وأَنْهَلَك المأمون منها وعلَّكا

فاتصل ذلك برسول الله فأهدر دمه، وقال: "مَن لَقيَ كَعبًا فلْيقتُلْهُ"، فكتب إليه


(١) أخرجه البخاري (٤٧٤٧). قوله "سابغ الأليتين": تامهما، و"خدلج الساقين": عظيمهما.
(٢) الخبر في (ك) إلى هنا فقط.
(٣) في (أ) و (خ): "يحيى" والمثبت من "الإكمال" ١/ ١٩١ و"الإصابة" ١/ ١٣٨.