للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والعشاء، ثم خرج من ليلته قافلًا إلى المدينة (١).

* * *

وفيها: توفي النجاشي (٢) - واسمه أَصْحَمة - ملك الحبشة، الَّذي هاجر إليه المسلمون فأحسن إليهم، وزوَّج رسولَ الله أمَّ حبيبة وجهز إليه جعفرًا، وكانت وفاته في رجب.

[قال هشام: ورسول الله بتبوك فنعاه إلى أصحابه، وصلى عليه لما عاد من تبوك وبلغه خبره].

قال الإمام أحمد : حدَّثنا يحيى بن سعيد، حدَّثنا مالك، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة قال: نَعَى لنا النبي النجاشي في اليوم الَّذي ماتَ فيه؛ فخرجَ إلى المصلَّى، فصفَّ أصحابَه خلفَه، وكبَّر عليه أربَعًا (٣).

[وفي الباب عن جابر وعمران بن الحصين، وأحاديثهم في "الصحيح" وفيها: "إنَّ أخًا لكم قد ماتَ، فقوموا فَصلوا عليه" (٤)، وهذا يدل على أن النجاشي مات ورسول الله بالمدينة.

وبهذه الأحاديث يحتج الشافعي وأحمد على جواز الصلاة على الميت الغائب، وعند أبي حنيفة ومالك: لا يجوز، وهذا الخلاف يبنى على أن صلاة الجنازة عند أبي حنيفة لا تعاد، لأن الأمة توارثت (ترك الصلاة على رسول الله والخلفاء والصحابة، ولو جاز لما ترك مسلم الصلاة عليهم) (٥) والشافعي يقول بتكرار الصلاة كما في الصلاة على النجاشي، وجوابه من وجوه:

أحدها: لأن النبي كان وليه، وهو أولى بالمؤمنين من أنفسهم.


(١) النقل عن "المغازي" ٣/ ١٠٧٦ - ١٠٧٨.
(٢) "تاريخ الطبري" ٣/ ١٢٢، و"المنتظم" ٣/ ٣٧٥.
(٣) أحمد في "مسنده" (٩٦٤٦)، وأخرجه البخاري (١٢٤٥)، ومسلم (٩٥١).
(٤) أخرجه البخاري (٣٨٧٧)، ومسلم (٩٥٢) (٦٦) من حديث جابر ، وأخرجه مسلم (٩٥٣) من حديث عمران بن الحصين .
(٥) ما بين قوسين زيادة من بدائع الصنائع ١/ ٣١١.