للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عسيب من سعف النخل، فكلم رسولَ الله وسأله، فقال: "لو سألتَني هذا العَسِيبَ الَّذي في يدي ما أعطيتُكَه". فلما قدموا اليمامة ارتدَّ، وتنبأ، وكذب، وقال: إني قد أُشركت معه في الأمر، وجعل يسجع لهم الأسجاع [فيقول] مضاهاة للقرآن: [قد أنعم الله على الحُبلى، إذ أخرج نسمة تسعى من بين شراسيف وحشا] ووضع عنهم الصلاة، وأباح لهم الزنا والخمر، وهو يشهد لرسول الله أنَّه نبي، فأصفَقَت معه حنيفة على ذلك (١).

وكتب إلى رسول الله : من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله، أما بعد: فإني قد أُشركت معك في الأمر، ولكن قريش قوم يعتدون، وبعث به مع ابن النواحة وثمامة بن أثال الحنفي [وفي رواية: لنا نصف الأرض ولكم نصف الأرض]، فقال رسول الله لرسوليه: "وأَنتُما تقولانِ مثل هذا؟ " قالا: نعم، فقال: "أَما والله لولا أَنَّ الرُّسل لا تُقتَل لَقتَلتُكما" ثم كتب إليه: "مِن محمدِ رسولِ الله إلى مُسيلمَة الكَذَّاب، أمَّا بعد: فإنَّ الأرضَ لله يُورِثُها مَن يشاءُ من عبادِه والعاقبةُ للمتَّقين".

[قال ابن إسحاق: وكان ذلك في آخر سنة عشر (٢).

قال: قال الحسن: كان ثمامة بن أثال الحنفي رسول مسيلمة إلى رسول الله] فدعا الله أن يمكنه منه [قال ابن إسحاق: فحدثني سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: كان إسلام ثمامة بن أثال الحنفي أنَّه] دخل المدينة، وقد اعتمر يريد مكة [وهو مشرك] فيتجر بها، فأخذ فأتي به رسول الله فأمر به فرُبط إلى عَمودٍ في المسجد، [وكان قد عرض لرسول الله يريد قتله، فلما رُبِط مرّ عليه رسول الله فقال: مالك يا ثمام؟ هل أمكن الله منك؟ فقال: قد كان ذلك يا محمد، إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تعف تعف عن شاكر، وإن تسأل مالًا تُعطه، فمضى رسول الله وتركه.

فلما كان من الغد مرّ به وقال له مثل ما قال في اليوم الأول، وأجابه بمثل ذلك،


(١) "السيرة" ٢/ ٥٧٦ - ٥٧٧.
(٢) "السيرة" ٢/ ٦٠٠ - ٦٠١.