للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أُمام لقد جُنِّبْتُ بيتك غدوة … وأنزلُ في بيت بفَردة منجد (١)

ألا رُبَّ يومٍ لو مرضتُ لعادني … عوائدُ من لم يَبْرَ منهن يَجهدِ

فلما مات عمدت امرأته إلى ما كان منه من كتاب القطائع التي أقطعه إياها رسول الله فحرقتها بالنار (٢).

وكان فارسًا، مغوارًا، شجاعًا، شاعرًا، مخضرمًا يقول الشعر في غاراته ومفاخراته، وسمي بزيد الخيل لكثرة خيله: الهطال، والكميت، والورد، والكامل، ودؤول، ولاحق، ولم يكن لأحد من العرب سوى فرس أو فرسين (٣).

وكان إذا ركب الفرس المشرف تخط رجلاه الأرض، وكان جميلاً، ولما ورد على رسول الله طرح له متكأً، فأبى أن يتكئ بين يدي رسول الله إجلالًا له، وكان من قوله لرسول الله : الحمد لله الذي أيدنا بك، وعصم لنا ديننا، فما رأيت أحسن مما تدعونا إليه، وقد كنت أعجب لعقولنا واتباعنا حجرًا نعبده يسقط منا فنظل نطلبه (٤).

قال محمد بن السائب الكلبي: خرج رجل من بني نَبهان من الحرة، وترك بها أهله، وقال: والله لا أرجع إليكم حتى أكسب خيرًا، أو أموت، فلم يزل يقطع الفيافي حتى انتهى إلى حي زيد الخيل، فإذا بخباء عظيم فيه قبة من أدم، وفي القبة شيخ كبير كأنه نسر، قال: فلما وجبت الشمس جلست خلفه فإذا بفارس قد أقبل لم أر فارسًا أعظم منه ولا أجسم على فرس مشرف، ومعه أسودان يمشيان إلى جنبيه، ومئة من الإبل مع فحلها، فبرك الفحل، وبركن حوله، فنزل، وقال لأحد عبديه: احلب فلانة، وأشار إلى ناقة، فحلبها في عُسًّ، ووضعه بين يدي الشيخ، وتنحى عنه، فكرع الشيخ منه مرة أو مرتين، ثم نزع، ومددت يدي فشربته، فجاء العبد، فأخذ العُس، وقال: يا مولاي، قد أتى على آخره، ففرح، وقال: احلب ثانيًا،


(١) رواية "السيرة"، والطبري ٣/ ١٤٥: أمرتحلٌ قومي المشارق غدوة .... والمثبت موافق لما في تاريخ دمشق ٦/ ٦٧٧.
(٢) "السيرة" ٢/ ٥٧٧ - ٥٧٨، و"الطبقات" ١/ ٢٧٧.
(٣) انظر "الأغاني" ١٧/ ٢٤٨.
(٤) "تاريخ دمشق" ١٩/ ٥١٩.