للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال جرير: قال لي رسول الله : "ألا تُريحُنِي من أمرِ ذي الخَلَصةِ؟ " وكان بيتًا في خثعم يسمى: كعبة اليمانية، فانطلقت في خمسين ومئة فارس من أحمس، وكانوا أصحاب خيل، فأخبرت رسول الله أنني لا أثبت على الخيل، فضرب في صدري، وقال: "اللَّهمَّ ثبِّتهُ، واجعَلْهُ هادِيًا مَهدِيًّا" فانطلقت إليها، فكسرتها، وحرقتها، وأرسل جرير [رجلًا] إلى رسول الله يبشره، فقال لرسول الله : والذي بعثك بالحق ما جئتك حتى تركتها كأنها جمل أجرب، فبارك رسول الله على خيل أحمس ورجالها خمس مرات (١).

واعتماد الفقهاء في المسح على الخفين على حديث جرير، قال : أنا أسلمت بعد نزول المائدة، وأنا رأيت رسول الله يمسح بعدما أسلمت (٢).

وفد العَنْس - بنون - فيهم ربيعة العَنْسي (٣)، قال له رسول الله : "أَراغبًا جئتَ أم راهبًا؟ " فقال له: أما الرغبةُ، فوالله ما في يديك من مال فأرغب فيه، وأما الرهبةُ فوالله إنني في مكان ما تبلغه جيوشك، ولكن جئت مسلمًا، فأجازه رسول الله قال له: "إن أَحسَسْت في الطريقِ بوَعَك فمِل إلى أَدنى قريةٍ منك"، فوعك في الطريق، فمال إلى قرية هناك، فمات فيها.

وفد سعد العشيرة، وفيهم ذُباب بن أنس، فأسلم، وكسر صنمًا لهم يقال له: فَرَّاص، وقال: [من الطويل]

تَبِعتُ رسولَ الله إذ جاءَ بالهُدى … وخلَّفتُ فَرَّاصًا بدارِ هَوانِ

ولَمَّا رأيتُ اللهَ أَظهرَ دينَهُ … أَجبْتُ رسولَ اللهِ حينَ دعانِي

شدَدْتُ عليه شدَّةً وتركتُهُ … كأَن لم يكُن في الدَّهرِ ذُو حَدَثانِ

فأصبحتُ للإسلامِ ما عشتُ ناصرًا … وأبقيتُ فيه كَلكَلي وجِرانِي

فمَن مبلغ سعدَ العشيرةِ أنَّني … شريتُ الذي يَبقى بآخر فاني

وعاش ذُباب حتى شهدَ مع علي صفين، وقيل: اسمه عبد الله (٤).


(١) أخرجه البخاري (٣٠٢٠)، ومسلم (٢٤٧٦).
(٢) أخرجه أحمد في "مسنده" (١٩٢٢١).
(٣) نص الخبر في نسخنا كالتالي: وفد عبد القيس - بنون - فهم بن ربيعة العبس. وانظر "الطبقات" ١/ ٢٩٥.
(٤) "الطبقات" ١/ ٢٩٥.