للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفد جُهينة، وفيهم عمرو بن مرة سادِنُ صنم جُهينة، فكَسَره، وأسلم، وقال: [من الطويل]

شهدتُ بأنَّ الله حقٌّ وأنَّني … لِآلِهَة الأحجارِ أَوَّل تاركِ

وشمَّرت عن ساقِي الإزارَ مُهاجرًا … إليكَ أجوبُ الوَعْثَ بعد الدَّكادِكِ

لأصحَبَ خيرَ الناس نَفسًا ووالدًا … رسولَ مليكِ الناسِ فَوق الحبائكِ

ثم بعثه رسول الله إلى قومه، فأسلموا إلا واحدًا ردَّ عليه، فدعى عليه عمرو، فسقط فوه، وخرس، وعمي، واحتاج إلى الناس، وقيل: إنما قدم وفد جُهينة المدينة حين قدمها رسول الله في صدر الإسلام (١).

وفد كَلْب، وكان فيهم حارثة بن قطن، وحَمَل بن سَعْدانة الكَلْبيان، فأسلموا، وعقد رسول الله لحارثة لواءً على قومه، فشهد به صفين مع معاوية، فأقطعه أرضًا بدومة الجندل، وكتب له بها كتابًا (٢).

وفد جَرْم، قال البخاري: حدَّثنا سليمان بن حَرْب، حدَّثنا حمَّاد بن زيد، عن أيوبَ، عن أبي قِلابة، عن عمرو بن سَلَمة قال: كنا بماء ممَرَّ الناس، وكان يمر بنا الركبان، فنسألهم: ما للناس؟ ما هذا الرجل؟ فيقولون: يزعم أن الله أرسله، وأوحى إليه بكذا، وكنت أحفظ ذلك الكلام، وكانت العرب تلوَّم بإسلامها الفتح، فيقولون: اتركوه وقومه، فإنَّه إن ظهر عليهم فهو نبي صادق، فلما كانت وقعة الفتح بادر كل قوم بإسلامهم، وبادروا قومي بإسلامهم (٣)، فلما قدم قال: جئتكم من عند النبي حقًا، قال: "صلُّوا صلاةَ كذا في حينِ كذا، وصلاةَ كذا في حينِ كذا، فإذا حَضرتِ الصلاةُ فليُؤذِّن أحدُكم، وليؤمَّكُم أكثَركُم قُرآنًا" فنظروا، فلم يكن أحد أقرأ مني لما كنت أتلقى الركبان، فقدموني بين أيديهم وأنا ابن ست أو سبع سنين، وكانت علي بردة كنت إذا سجدت تقلَّصت عني، فقالت امرأة من الحي: ألا تغطُّوا عنا است قارئكم، فقطعوا لي قميصًا فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص. انفرد بإخراجه البخاري.


(١) "الطبقات" ١/ ٢٨٧.
(٢) "الطبقات" ١/ ٢٨٨ - ٢٨٩.
(٣) كذا؟! وفي صحيح البخاري (٤٣٠٢): وبدر أبي قومي بإسلامهم. وانظر "الطبقات" ١/ ٢٨٩.