للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفد النَّخَع، قدموا على رسول الله وفيهم أرطاة بن شراحيل، والأرقم بن عمر، فأعجب رسول الله ما رأى من حُسنِ هيئتهما، فأسلما، وقال لهما رسول الله : "هَل خلَّفتُما وراءَكما مِن قَومِكُما مِثلَكُما؟ " فقالا: خلفنا وراءنا سبعين رجلًا كلهم أفضل منا، فدعا لهما، وقال: "اللَّهمَّ بارِكْ في النَّخَعِ" وعقد لأرطاة لواءً على قومه، فكان في يده يوم الفتح، ثم شهد به القادسية، فقتل أرطاة يومئذ، فأخذه أخوه، فقتل، فأخذه سيف بن الحارث، فدخل به الكوفة.

وقيل: إنما قدموا في المحرم سنة إحدى عشر، وهم مئتا رجل، فأنزلهم دار رملة بنت الحارثِ، وقالوا: بايعنا معاذًا باليمن، وكان منهم زرارة بن عمرو، وكان نصرانيًا، فأسلم، وهم آخر وفد وفدَ على رسول الله (١).

وفد حَضرَمَوت، وكان فيهم وائل بن حجر، فسر رسول الله .

[وحكى ابن سعد عن هشام بن محمد: أن رسول الله سرَّ] بقدومه، ونادى الصلاةَ جامعةً، ثم خطب فقال: "أَيُّها الناسُ، هذا وائلُ بن حُجر أتاكم من حَضْرَمَوت - ومدَّ بها صوتَه - راغبًا في الإسلامِ" ثم قال لمعاوية بن أبي سفيان: "انطَلِق فأنزلهُ مَنزلاً بالحرَّة" قال معاوية: فانطلقت معه، فأحرقتِ الرَّمضاءُ رجليَّ، فقلت له: أردفني وراءَك، فقال: لست من أرداف الملوكِ، قال: فقلت: فادفع لي نعليك أمشي فيهما أتوقَّ بهما من الحرِّ، فقال: لا يبلُغْ أهل اليمنِ أنَّ سوقَةً لبسَ نعلَ ملكٍ، ولكن إن شئت فامشِ في ظلِّ ناقتي، وكفاكَ به شرفًا في قومك، قال: فسرت في ظل ناقته حتى أنزلته منزلًا، ولما رجع إلى بلاده أجازه رسول الله وكتب له كتابًا بأراضي وحصون.

[وفي رواية]: فأخبَرَ معاوية رسول الله بما قال له وائل، فقال: "إنَّ فيه لعُبيَّة من عبيَّةِ الجاهلية، ارفُقوا به فإنَّه قريبُ عهدٍ بمُلكٍ" (٢).

فلما استخلف معاوية قدم عليه وائل، فأكرمه، وأجلسه معه على سريره، وقال له: أتذكر يوم كذا وقولك لي؟ ووائل يقول: نعم، وهل هو إلا ذاك؟ قال وائل: وأنا أقول في نفسي ليتني حملته بين يدي (٣).


(١) "الطبقات" ١/ ٢٩٨.
(٢) "الطبقات" ١/ ٣٠٠ - ٣٠٣، وما بين معقوفين زيادة من (ك).
(٣) أخرجه أحمد في "مسنده" (٢٧٢٣٨) من حديث وائل بن حجر .