رجلًا منكم، فكره معن بن عدي وعويم بن ساعدة ما قال، ومضيا إلى أبي بكر، وأخبراه الخبر، وقالا: هم في سقيفة بني ساعدة، وذكر مجيء أبي بكر وعمر إليهما، فلما سمع المغيرة بن شعبة قول عويم ومعن، قال لأبي بكر وعمر: أيها الشيخان إن الناس إنما ينظرون إليكما وليس يرون لهذا الأمر أحدًا غيركما، فليضرب أحدكما على يد صاحبه قبل أن يحدث ما يتفاقم له الأمر، فأخذ عمر بيد أبي بكر ليبايعه، فكره ذلك أبو بكر، ونظر إلى الناس، وأراد البيعة بمحضر من المهاجرين والأنصار، وقال لعمر: قم بنا إلى إخواننا الأنصار، فإنه كان من آخر عهد رسول الله ﷺ أن أوصانا بهم، فقام أبو بكر وعمر، وتبعهما المهاجرون، قال عمر: فانتهينا إليهم وهم في سقيفة بني ساعدة قد عصبوا سعدًا وهو يوعك، فذهبت لأتكلم، فقال أبو بكر: اسكت يا عمر حتى أتكلم، ثم قل ما أحببتَ، ثم خطب أبو بكر في السقيفة، فقال: الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونشهد به، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، سراج الظلمة، ونبي الرحمة، بعثه الله بالحق نورًا وهدىً للعالمين، وذكر خطبة طويلة، وقال: وإن هذا الأمر في قريش ما أطاعوا الله واستقاموا على أمره، وقد سمعتم ذلك من رسول الله ﷺ، وإنه لا يحل أن يكون للمسلمين أميران لئلا يقع الاختلاف، وتتفرق الجماعات، وتترك السنة وتظهر البدعة، وأنا أدعوكم إلى أبي عبيدة بن الجراح أو عمر بن الخطاب، وذكر بمعنى ما تقدم، فقال عمر: ما ينبغي لأحد من المسلمين أن يكون فوقك، أنت صاحب رسول الله ﷺ في المواطن كلها، واختياره لك في الصلاة دليل على أنك أحق بهذا الأمر، فقام خطيب الأنصار ثابت بن قيس بن شماس فقال: نعم أنتم أول من آمن به وصدقه، وأنتم أقرباؤه وقومه، وأفضل الناس حَسَبًا ونسبًا، لا يحسدكم والله على ما آتاكم الله، ولا خلق الله أحدًا أحب إلينا وأكرم منكم، فلو جعلتم رجلًا منا ورجلًا منكم كان أشفق للقرشي إذا زاغ مخافة أن ينقض عليه الأنصاري، [وكان أشفق للأنصاري] إذا زاغ مخافة أن ينقض عليه القرشي، وقد كانت منا فيكم دماء، ولا نأمن الوالي منكم أن يميل على السيد منا فيقتله أو يصرفه.
فقام عمر، فخطب، وذكر خطبة طويلة، وفيها: وأن العرب لا ترضى بهذا، ولا تقرُّ به إلا لقريش، وأنا أنشد الله رجلًا سمع رسول الله ﷺ يقول:"الأمراء من قريش"