للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحدث أنه لم يحمله على الذي صنع نفاسة على أبي بكر، ثم قام إلى أبي بكر فبايعه، فأقبل الناس على علي، وقالوا: أصبت وأحسنت، وكان المسلمون إلى علي قريبًا حين راجع الأمر بالمعروف (١).

وقال رجل للزهري: لم يبايع علي أبا بكر ستة أشهر؟ فقال: لا والله ولا أحد من بني هاشم حتى بايعه علي.

وقال مالك بن أوس بن الحدثان: أرسل إلي عمر، فجئته حين تعالى النهار، فوجدته جالسًا في بيته على سرير مفضيًا إلى رُمالة، متكئًا على وسادة من أدم، فقال لي: مالكٌ، إنه قد دفَّ أهل أبيات من قومك، وقد أمرت لهم برَضْخٍ، فخذه فاقسمه بينهم، فقلت: لو أمرت بهذا غيري، قال: خذه يا مالك، فدخل يرفأ، فقال: هل لك يا أمير المؤمنين في عثمان وعبد الرحمن بن عوف والزبير وسعد؟ قال عمر: نعم، فأذن لهم، فدخلوا ثم جاء فقال: هل لك في علي وعباس؟ قال: نعم، فأذن لهما، فدخلا، فلما استقر بهما المجلس قال العباس: يا أمير المؤمنين، [اقض بيني وبين هذا الكاذب الآثم الغادر الخائن، فقال القوم: أجل يا أمير المؤمنين] اقض بينهما وارحمهما، قال مالك بن أوس: فخيل إلي أنهما قد كانا قَدَّموهم لذلك، فقال عمر: أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمون أن رسول الله قال: "لا نُورثُ ما تَرَكنا صَدَقةٌ"؟ قالوا: نعم، ثم أقبل على العباس وعلي، فقال لهما مثل ذلك، قالا: نعم، فقال عمر: إن الله تعالى كان خص رسوله بما لم يخص به غيره، فقال: ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى﴾ [الحشر: ٧] وقال الله تعالى: ﴿وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ﴾ [الحشر: ٦]. قال: فقسم رسول الله بينكم أموال بني النضير، فوالله ما استأثر عليكم، ولا أخذها دونكم، فكان رسول الله يأخذ نفقته ونفقة عياله منه، ثم يجعلُ ما بقي أُسْوَةَ مال الله، ثم نشدهم ونشد علي والعباس فقالوا: نعم، فلما ولي أبو بكر قال: أنا ولي رسول الله فجئتما تطلبان أنت ميراثَك من ابن أخيك، ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها، فقال لكما أبو بكر: قال رسول الله : "لا نورث"، ثم توفي أبو بكر، وأنا ولي أبو بكر وولي رسول الله فوليتهما حتى جئتني وهذا، وأنتما جميع، وأمركما واحد، فقلتما: ادفعها إلينا، فقلت: إن شئتما دفعتها إليكما على أن عليكما عهد الله أن تعملا فيها بالذي كان يعمل رسول الله فأخذتماها


(١) أخرجه مسلم (١٧٥٩) (٥٢).