للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بذلك، كذلك هو؟ قالا: نعم، ثم قال: جئتماني لأقضي بينكما، والله لا أقضي بينكما أبدًا بغير ذلك حتى تقوم الساعة، فإن عجزتما عنها فردَّاها إلي (١).

قال البرقاني: فكانت بيد علي، ثم كانت بيد زيد بن الحسن، ثم بيد عبد الله بن الحسن، قال: نعم، ثم وليها بنو العباس (٢).

فصل: وللبخاري عن عمرو بن الحارث الخزاعي قال: ما ترك رسول الله درهمًا ولا دينارًا ولا عبدًا ولا أمة ولا شيئًا إلا بغلته البيضاء التي كان يركبها، وسلاحه وأرضًا جعلها لابن السبيل صدقة (٣).

وسنذكر ما ترك بعد هذا.

قلت: ولا خلاف أن فاطمة طلبت ميراثها من أبي بكر رويناه في "الصحيحين" وأنها هجرته حتى ماتت.

وقال ابن سعد بإسناده عن أبي صالح، عن أم هانئ: أن فاطمة قالت لأبي بكر رضوان الله عليه: يا أبا بكر، من يرثك إذا مت؟ قال: ولدي وأهلي، قالت: فما بالك ورثت أبي دوننا؟ فقال: يا بنت رسول الله ما ورّث أبوك مالًا ولا ذهبًا، ولا فضة، ولا أرضًا، ولا غلامًا، قالت: فسهم الله الذي جعله لنا وصافيتنا التي بيدك؟ فقال: إني سمعت رسول الله يقول: "إنَّما هي طُعمَةٌ أَطعَمَنيها اللهُ، فإذا متُّ عادت إلى المسلمين"، فهجرت فاطمة أبا بكر فلم تكلمه حتى ماتت (٤).

وقال هشام بن محمد: لما مُنعت فاطمة ميراثها دخلت على أبي بكر وقد لاثت خمارها على رأسها، ثم حمدت الله وأثنت عليه، ووصفت رسول الله بأوصاف، فكان مما قالت: كان كلما فغرت فاغرة من المشركين، أو نجم قرن من الشيطان وطئ روقه بأخمصه، وأخمد لهبه بسيفه، وكسر قرنه بعزيمته، حتى إذا اختار له الله دار أنبيائه، ومقر أصفيائه؛ أطلعت الدنيا رأسها إليكم فوجدتكم لها مستحبين، ولغرورها ملاحظين، هذا والعهد قريب، والأمد غير بعيد، والجراح لم تندمل، فأنى تكونون كذا وكتاب الله بين أظهركم، ثم قالت: يا أبا بكر، أترثُ أباك ولا أرث أبيَهْ، دونكها


(١) أخرجه البخاري (٣٠٩٤)، ومسلم (١٧٥٧) (٤٩)، وما بين معكوفين منه.
(٢) انظر "أخبار المدينة" لابن شبة (٥٧٢).
(٣) صحيح البخاري (٢٧٣٩)، وما بين معقوفين من (ك).
(٤) "الطبقات" ٢/ ٢٧٣ - ٢٧٤.