للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: قال رسولُ الله : "لا يَكونُ المؤمنُ لعَّانًا" (١).

فإن قيل: فقد ثبتَ في الصحيح أن رسولَ الله لعنَ جماعةً.

فأخرجَ مسلم عن عليٍّ قال: قال رسولُ الله : "لَعَنَ الله مَن لَعَن والدَيْه، لعَنَ الله من ذبحَ لغيرِ الله، لعَنَ الله مَن آَوى مُحدِثًا، لَعَن اللهُ من غيَّر مَنارَ الأرضِ" (٢).

وفي "الصحيحين" عن ابن مسعودٍ قال: لعَنَ رسولُ الله الواشماتِ والمستوشماتِ، والمتنمَّصاتِ، والمتفلَّجاتِ للحُسنِ المغيِّراتِ خلقَ الله. فبلغَ ذلك أمَّ يعقوبٍ الأَسدية وكانت تقرأُ القرآنَ فأَتته فقالت: ما حديثٌ بلغني عنك كذا وكذا؟ وذكرته، فقال ابن مسعود: ومالي لا ألعنُ من لَعَن رسولُ الله وهو في كتاب الله، فقالت المرأة: لقد قرأت ما بين لوحي المصحف فما وجدته؟ فقال: لو كنتِ قرأتيه لوجدتيه، قال الله تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ (٣) [الحشر: ٧]

وأخرج الترمذي في الباب أحاديث عن ابن عمر وابن عباس وغيرهما.

فالجواب: أن لعْنَ النبيّ لمن ذكرنا لا يكون كلعنِ غيره، فإنَّ اللعنة من غيره قد تكون عَبَثًا أو لغرضٍ، ومنصب النبوة مُنَزَّه عن هذا، فلا يلعن إلا من كُتب عليه اللعنة، ومن لم يكن أهلًا للعن فلعن النبي يكون قربةً وكفارة على ما وردَ به الحديث (٤).

والوشم بشين معجمة: غرزُ الكفِّ والذراع بالإبرة، ثم يحشا بالكحلِ، والمستوشمة: التي يُفعل بها ذاك.

والنامصةُ: التي تَنتف الشعرَ، والمتنمصةُ التي يفعل بها ذاك.

قوله : "لا يُفلحُ قومٌ ولَّوا عليهم امرأةً" قد ذكرناه لَمَّا مات كسرى، أشار


(١) أخرجه الترمذي (٢٠١٩).
(٢) أخرجه مسلم (١٩٧٨).
(٣) أخرجه البخاري (٤٨٨٦)، ومسلم (٢١٢٥).
(٤) أخرجه مسلم (٢٦٠١) من حديث أبي هريرة عن النبي قال: "اللهمَّ إنما محمد بشر يغضب كما يغضب البشر، وإني قد اتخذت عندك عهدًا لن تخلفنيه، فأيما مؤمن آذيته أو سببته أو جلدته، فاجعله له كفارة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة".