للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الحسن البصريّ: الشياطين أولاد إبليس، لا يموتون إلا معه، والجنّ يموتون قبله.

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: خلق الله الجانَّ قبل آدم بألفي سنة. وقد روي مرفوعًا والموقوف أصح.

وحكى السدي عن أشياخه قالوا: في الجنِّ: المؤمن والكافرُ والقدريةُ والمعتزلة والجهمية والشيعة وجميع الفرق.

وحكى مجاهد عن ابن عباس أنه قال: هم على أصناف، على صور الحياتِ والعقارب والأُسد والذئاب والثعالب ونحوها.

وقال الترمذي بإسناده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "اقتلوا الأسودين ولو كنتم في الصلاة: الحيةَ والعقرب". ورواه أبو داود، وفيه: أمر رسول الله بقتلهما (١).

قلت: وعامة العلماء على جواز قتل الحية والعقرب في الصلاة، وكرهه إبراهيم النخعي لأنه عمل كثير، وقد روي أن النبي أمر بأن يُؤْذَنوا قبل قتلهم، فقال عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه بإسناده عن جرير بن عبد الله قال: أمر رسول الله أصحابه إذا ظهروا في مكان أن يُؤذَنوا بالانصراف قبل قتلهم (٢). يقال: خلِّ الطريق ومرَّ بإذن الله، يعني إذا تصور الجنُّ في صورة الحيّات والعقارب.

وقال ابن أبي ليلى: الحية البيضاء التي تمشي مستويةً هي الجانُّ، فتلك التي تُنذر قبل قتلها، أما غيرها فلا تنذر بل تقتل.

قال أبو جعفر الطحاوي: والمختار عند أصحابنا: قتل الجميع بغير إنذار، لحديث أبي هريرة الذي روينا، فإنه مطلق في حقِّ الكلّ، قال: لأنه بلغنا أنَّ النبي عهد ليلةَ


(١) الترمذي (٣٩٠)، وأبو داود (٩٢١)، وهو عند أحمد في "مسنده" (٧١٧٨).
(٢) حديث إيذان حيات البيوت قبل قتلهن ليس هو من حديث جرير بن عبد الله، ولم نقف عليه في "مسند أحمد"، والحديث مروي عن أبي سعيد الخدري عند مسلم (٢٢٣٦) مطولًا وفيه قصة، ثم قال رسول الله : "إن بالمدينة جنًّا قد أسلموا، فإذا رأيتم منهم شيئًا فآذنوه ثلاثة أيام، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه، فإنما هو شيطان". وأخرجه أيضًا أحمد في "مسنده" (١١٣٦٩).